تتنوعُ الأفكارُ بخصوصِ مشكلاتِ المدنِ خاصَّةً مع تطورِ البنى التحتيَّةِ للمدنِ والازدحامِ المروريِّ والحاجةِ إلى التحديثِ والتطويرِ، ويبقَى الأمرُ برمَّتهِ خاضعًا إلى التجربةِ والتعلُّمِ من الخبراتِ السابقةِ، والنظرِ للأمورِ بعمقٍ أكثرَ ولتتضحَ الصورةُ أكثرَ لعلَّ الممرَّ الضيِّقَ في مدينةِ براغ التشيكيَّةِ مثالٌ على ذلكَ.
تُعتبرُ براغ واحدةً من أكثرِ المدنِ التاريخيَّةِ والثقافيَّةِ في أوروبَا، ولمْ تتعرَّضْ لأضرارٍ كبيرةٍ خلالَ الحروبِ العالميَّةِ الكُبْرى، وهِي واحدةٌ من القلائلِ من المدنِ الأوروبيَّةِ التي تمكَّنتْ من الحفاظِ على تراثِهَا التاريخيِّ بشكلٍ شبهِ كاملٍ، وتتمتَّعُ بموقعٍ جيوسياسيٍّ، ولمْ تكنْ هدفًا رئيسًا للقوَى العسكريَّةِ خلالَ الحروبِ العالميَّةِ؛ ممَّا ساهمَ في الحفاظِ على بنيتهَا التحتيَّةِ ومعالمِهَا التاريخيَّةِ، وتعكسُ شوارعهَا والممراتُ الضيقةُ جوهرَ العصورِ الوسطَى.
هناكَ متعةٌ خاصَّةٌ عندَ التجوُّلِ في أزقةِ براغ الضيَّقةِ، وتشعرُ بالسحرِ القديمِ، والروحِ التاريخيَّةِ التي تعكسهَا هذهِ الممراتُ، ومن بين هذهِ الأزقةِ يبرزُ شارعُ لوجيتسكي كواحدٍ من أضيقِ الأزقةِ في المدينةِ، ويُعتبرُ جزءًا من هذَا التراثِ الثقافيِّ القيِّمِ، وتمثِّلُ جدرانهُ الحجريَّةُ وضيقهُ جاذبيَّةً تاريخيَّةً للزوَّارِ.
يقعُ شارع لوجيتسكي في حيِّ مالا سترانا، وهُو واحدٌ من أكثرِ الأماكنِ سحرًا في براغ، حيثُ يجمعُ بينَ التاريخِ والثقافةِ والجَمَالِ المعماريِّ، وتزخرُ المنطقةُ بالمبانِي التاريخيَّةِ والأزقةِ الضيقةِ التي تعودُ إلى العصورِ الوسطَى، وما يميِّزُ شارع لوجيتسكي هو ضيقهُ الفائقُ، حيثُ يبلغُ عرضهُ فقطْ حوالى 50 سنتيمترًا، أي شخصٌ واحدٌ فقطْ يستطيعُ المرورَ بهِ، وعلى الرغمِ من ضيقهِ لمْ يتمْ إزالتهُ او توسعتهُ، وتمَّ اتِّخاذُ قرارٍ بعدمِ هدمهِ؛ بسببِ احترامِ الهويَّةِ الثقافيَّةِ والتاريخيَّةِ للمدينةِ، والاحتفاظِ بهِ ممَّا يعزِّزُ السلامةَ العامَّةَ خاصَّةً للوصولِ إلى المبانِي في حالاتِ الطوارئِ مثل الحرائقِ، ولم يتمْ الاكتفاءُ بذلكَ، ولكنْ تمَّ تركيبُ إشارةٍ مروريَّةٍ للمشاةِ؛ ليتمَّ تنظيمُ المرورِ فيهِ، وأصبح أحدَ المعالمِ السياحيَّةِ الشهيرةِ في براغ، ويجذبُ الزوَّارَ من جميعِ أنحاءِ العالمِ لاستكشافهِ.
أصبحَ شارعُ لوجيتسكي جذبًا سياحيًّا بارزًا في براغ، حيثُ يستقطبُ الزوَّارَ لتجربةِ هذَا الممرِّ الضيَّقِ الفريدِ من نوعهِ، ويأتُون لالتقاطِ الصورِ واستكشافِ سحرِهِ وجمالِهِ؛ ممَّا يساهمُ في دعمِ الاقتصادِ المحليِّ، وتعزيزِ السياحةِ في المدينةِ، وهكذَا تمَّ تحويلُ مشكلةٍ قائمةٍ إلى مصدرِ دخلٍ سياحيٍّ، وأصبحَ من أهمِّ المعالمِ السياحيَّةِ في التشيكِ.