في خبر نشره أحد كبار التنفيذيين على منصة (X) يقول: «إن مكاسب التنفيذيين في عام 2023 قد بلغ ٣.٢٢ مليار ريال، وأن هناك ١٣١٤ تنفيذياً في ٢٦٥ شركة مدرجة، كان المتوسط لكل تنفيذي مبلغ 2.45 مليون ريال، وأن الشركات الخاسرة منحت رؤساءها 1.65 مليار ريال..!»، أضع هذا الخبر لأُدلِّل على أن رفع رواتب ومكافآت الرؤساء التنفيذيين ليس بالضرورة يؤدي إلى نجاح الشركة -كما يعتقد التنفيذيون ذلك- والذين يطالبون عادةً في الجمعيات العمومية برفع مكافآتهم بدون حتى ضمانات لنجاح الشركة، وتحقيقها لأرباح تتناسب مع طموحات ملاك الأسهم، وتتواءم مع رفع الرواتب.
وحقيقةً، يلعب الرئيس التنفيذي دوراً محورياً في نجاح الشركة أو فشلها، حتى إذا كانت خطتها الإستراتيجية ممتازة، لأن التباطؤ في تنفيذ المهام قد يكون السبب الحقيقي وراء انهيار الكثير من المشاريع. ولعلي أضرب مثالاً لشركة Compaq، والتي امتلكت إستراتيجية ممتازة ومشروعها في دمج تقنيات Intel مع برامج Microsoft للحصول على حواسيب تنافسية تضمن هيمنتها على أسواق الحواسيب.
في البداية، حققت الشركة نجاحاً كان من الممكن أن يجعلها من أهم مصنعي الحواسيب في العالم، إلا أن التلكؤ في تنفيذ الإستراتيجية، وضعف آليات التنفيذ، وربما عوامل أخرى مثل: عدم وجود خطة تسويقيه قوية، أو عدم تقدير الأسعار للمنافسة؛ أدى إلى فشل المشروع، وقامت شركة هيوليت باكارد HP بالاستحواذ على Compaq.. بل إن للمدير التنفيذي أهمية في كسب رضا العميل الداخلي أولاً لكسب رضا العميل الخارجي، ولن يتحقق هذا النجاح بدون هذه المعادلة لتكسب الشركة الولاء والإخلاص، وبذل أقصى الجهود لإنجاح الشركة، مثلهم في ذلك ملاك الأسهم، فهم رأس المال، والذين لهم حقوق كثيرة لا يدركها الكثير من التنفيذيين، ولعلي أذكر بعض الأمثلة في شركات الحج، التي تهتم بمساهميها (وهي شركة تركيا وأوروبا وأستراليا)، (السراة) حالياً، فبالرغم من التحديات التي تواجهها من مجلس سابق، فهي تحترم مساهميها، وقد اعتذرت لهم في منشور عن تأخُّر انعقاد الجمعية العمومية للعام 2023م لاعتماد الحسابات، وأنه تم تقديم القوائم المالية للمراجع القانوني الخارجي، وبمجرد انتهاء عمله، ستعلن عن إقامة الجمعية العمومية. كما قامت بعقد لقاءً تثقيفي توعوي لمساهميها ومساهماتها عن أهمية الإدراج في أحد أسواق الأسهم، وكيفية تداول الأسهم.. بل إن شركة أخرى مثل (أشرقت) وتوابعها: (رحلات ومنافع، وإكرام الضيف)، تهتم بمساهميها، وهم الشركاء الأساسيون لها بعمل لقاءات ودية، وأخرى توعوية وتنظيمية لموسم حج 1445هـ، ولرؤساء المراكز، وقد سابقت الزمن لأن تكون في المقدمة في التعاقدات مع بعثات الحج والوكالات السياحية ومع المطوفين، لإدارة مراكز الخدمة الميدانية، وهي الشركة التي تصرف لمساهميها بالتاريخ الهجري؛ حيث إنه متوافق مع موسم الحج.
صحيح حسب نظام الشركات تكون الجمعية العمومية خلال ستة أشهر من نهاية السنة الميلادية، ولكن دخول ذروة أعمال موسم الحج الآن؛ قد يُصعِّب إقامة جمعية عمومية، والتبليغ قبلها بـ٢١ يوماً. لذا نتمنى أن يكون إقفال الحسابات وعمل الجمعيات العمومية في شركات الحج بالتاريخ الهجري، لارتباط ذلك بالموسم.
وثانياً: إن متابعة المساهمين للإيرادات والمصروفات أولاً بأول يساعد على تقييم مستوى أداء التنفيذيين في الشركة، حيث إن ضخ مبالغ كبرى في استثمارات حج عام ٢٠٢٢م، وبدون موافقة الجمعية العمومية، لا بد معه أن يطلع المساهمون على الدخل الذي حققته تلك المبالغ، أو إذا ما كانت الشركة قد دخلت في مشاريع جديدة مثلاً، للاستحواذ على حصة في إحدى الشركات الناجحة.
وبالرغم من أن إحدى الشركات قد أخذت تفويضاً من مساهميها بالصرف المرحلي مرتين في جمعية عمومية غير عادية وعادية، لكنها لم تصرف كما كان متوقعاً في رمضان، مراعاةً لظروف مساهميها الذين يقتات بعضهم على أرباح أسهمهم.
المشكلة أن هذه الشركة تعتبر من الشركات العريقة، والتي سبق أن قدمت خدماتها لحوالى نصف مليون حاج، تضاءل عدد حجاجها تدريجياً بصورةٍ مقلقة للمساهمين، ومن حقهم الاستفسار عن وضعهم المالي في ظل هذه الظروف، لا أن توصد الأبواب في وجوههم ويتم حظرهم!! وبالرغم من إعلانها للمساهمين بأنها أول شركة ستنزل في السوق المالية في بداية عام 2024م، إلا أن ذلك لم يحدث، بل حتى الأسهم في محافظ كثير من المساهمين لم تنزل في محافظهم بعد.
إن الاحتفاظ بالعميل الداخلي، ومنهم رؤساء مراكز الخدمة الميدانية الذين انتقلوا إلى شركات أخرى، هم أهم عنصر في جذب العملاء الخارجيين، وقد استفادت منهم شركات أخرى جديدة.. ولابد أن تعيد الشركة حساباتها وتقيم وضعها الداخلي، خاصة في التعامل مع المساهمين، فهم ملاك الشركة.. وأن يتوقف المُطبِّلون الذين يُغرِّدون خارج السرب، لأن المسؤولية كبرى والأمانة عظمى، وسيأتي يوم يُقال لك فيه: (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا).