Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

عندما شعرتُ أنَّني Homless..!!

بضاعة مُزجاة

A A
بعدَ أدائِي لصلاةِ الفجرِ في المسجدِ المجاورِ لبيتِي يومَ السبتِ الماضِي، اكتشفتُ أنَّني نسيتُ مفتاحَ البيتِ داخلَهُ، فقاتلَ اللهُ النسيانَ بكافَّةِ أشكالِهِ وأصنافِهِ!.

والمصيبةُ هِي أنَّ يومَ السبتِ هُو يومُ إجازةٍ أسبوعيَّةٍ، وأهلُ بيتِي يُغلقُونَ جوَّالاتِهم ويغطُّونَ في نومٍ عميقٍ، وصدفَ أنْ كانَ جرسُ البيتِ مُعطَّلًا، وتقاعسَ كاتبكُمُ -كعادتِهِ غيرِ الحميدةِ- عن صيانتِهِ، وهُو أصلًا صينيُّ الصناعةِ ويعطبُ كثيرًا، ولمْ يكنْ معَي سِوَى مفتاحِ سيَّارتِي وسُبْحةِ تعدادِ تسبيحِ اللهِ وتكبيرِهِ وحمدِهِ واستغفارِهِ.

عندَهَا اُضطررتُ للبقاءِ خارجَ البيتِ حتَّى يستيقظَ مَن فيهِ، ولمْ أستطعْ البقاءَ في المسجدِ لأنَّ شأنَهُ هُو شأنُ كلِّ مساجدِنَا تُغلقُ أبوابَهَا بعدَ قليلٍ من انتهاءِ الصلواتِ، ولمْ أستطعْ الذهابَ لبعضِ المقاهِي المفتوحةِ واحتساءَ الشَّاي وربَّما تناولَ الفطورِ لوجودٍ ماليٍّ في محفظتِي القابعةِ في البيتِ، ولا أحبُّ تقمُّص دورَ المتسوِّلِ في صباحِ ربِّنَا، فبقيتُ في سيَّارتِي بجوارِ البيتِ أنتظرُ الفرجَ، عسَاهُ يكونُ قريبًا، وأستمعُ للقرآنِ الكريمِ تارةً، وأحاولُ النومَ تارةً أُخْرَى.

وأخيرًا، وبعدَ انقضاءِ ثلاثِ ساعاتٍ فتحتْ لِي البابَ ابنتِي التِي استيقظتْ مُبكِّرًا لبعضِ شأنِهَا، ففرحْتُ وتنفَّسْتُ الصعداءَ، وهرعتُ مثلَ العدَّاءِ الأولمبيِّ لبيتِ الراحةِ خوفًا على مثانتِي العزيزةِ من الانفجارِ، وحمدتُ اللهَ علَى نعمةِ البيوتِ، سواء المملوكَة منهَا أو حتَّى المُستأجَرة معَ أمنيةٍ أهمسُ بهَا في آذانِ مُلَّاكِ العقاراتِ السكنيَّةِ بتخفيضِ قيمةِ الإيجاراتِ رأفةً بمحدودِي الدَّخلِ الذِينَ هُم في مقتبلِ حياتِهم ولمْ يتملَّكُوا بيوتًا حتَّى تاريخِهِ!.

ويشهدُ اللهُ أنَّني شعرتُ خلالَ تلكَ السَّاعاتِ الثَّلاثِ بشعورِ مَن لَا بيوتَ لهُم، وهُم شريحةٌ من النَّاسِ موجودُونَ في الكثيرِ من بلادِ العالمِ الخارجيَّةِ، بمَا فِي ذلكَ أمريكَا وبريطانيَا وفرنسَا التي تتشدَّقُ بالحريَّةِ، وحقوقِ الإنسانِ، وعدالةِ توزيعِ الثَّرواتِ، ويُسمُّونَ: Homless، أي بلا بيوتٍ يسكنُونَهَا، ويعيشُونَ في الشَّوارعِ، وينامُونَ على الأرصفةِ، وتحتَ الأشجارِ، في الصيفِ الحارِّ، والشتاءِ الباردِ، ويسألُونَ النَّاسَ إلحافًا!.

اللهُمَّ أدِمْ علينَا نعمةَ الأمنِ والأمانِ والمساكنِ الصالحةِ والمملوكةِ في حاضرِنَا وفي مقبلِ الأزمانِ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store