Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

إسرائيل.. كلبٌ بأسنانٍ حديدية

A A
في مقالٍ مثيرٍ بعنوانِهِ ومحتواهُ: (إسرائيلُ.. كلبٌ مجنونٌ بدونِ أسنانٍ)، أبرزَ كاتبُنَا الكبيرُ الأستاذُ عدنان كامل صلاح في صحيفةِ المدينةِ؛ الوضعَ السَّيئَ الذِي تعيشهُ إسرائيلُ في ظلِّ النُّخبةِ اليمينيَّةِ المتطرِّفةِ، وأنَّ هناكَ ثلاثينَ ألفَ لاجئٍ إسرائيليٍّ تمَّ تهجيرُهُم ‏من الشمالِ، حيثُ لا تستطيعُ حكومتُهُم توفيرَ الأمنِ لهُم إلى مناطقَ أُخْرَى في إسرائيلَ. ‏

وسردَ الكثيرَ من الخسائرِ التِي أصبحتْ تُعانِي منهَا إسرائيلُ، وخاصَّةً الخسائرَ الاقتصاديَّةَ، وعنوانُ مقالهِ مقتبسٌ من جملةِ الجنرالِ الإسرائيليِّ «موشي ديان»: «‏علَى الآخرِينَ أنْ يَرُوا إسرائيلَ ككلبٍ مجنونٍ، من الخطرِ إزعاجهُ»، ‏وعقَّب علَى ذلكَ بقولهِ: «إنَّهَا عبارةٌ ليستْ دقيقةً، فالكلبُ المجنونُ يبدُو أنَّهُ بدونِ أسنانٍ، ومِن الضروريِّ أنْ يتمَّ تبديلُ الكلبِ بالاعترافِ بالواقعِ».

‏وحقيقةً، فليسمحْ لِي سعادتُهُ أنْ أُغيِّرَ في مقولتِهِ، لأؤكِّدَ ‏أنَّ إسرائيلَ أصبحتْ كلبًا مسعورًا بأسنانٍ حديديَّةٍ، وأظافرَ فولاذيَّةٍ.. ‏تقتلُ وتدمِّرُ وتنتهكُ كلَّ حقوقِ الإنسانِ؛ فَهِي لمْ تكتفِ باستهدافِ قادةِ حماس، الذِينَ غيَّرُوا معادلةَ الحربِ من الدِّفاعِ إلى الهجومِ، واغتيالِ كبارِ قادةِ حماس، ومنهُم صالح العروري، ومروان عيسى، وأيمن نوفل، وجميلة الشنطي.. ‏وغيرهُم كثيرٌ، بلْ طالتْ انتهاكاتُهَا ‏ضدَّ الإنسانيَّةِ بقتلِ أكثر مِن 35 ألفَ شهيدٍ، لازالَ أكثرُ من عشرةِ آلافٍ منهُم تحتَ الأنقاضِ، واكتشافِ مقابرَ جماعيَّةٍ بجثثٍ متحلِّلةٍ، صُنِّفتْ من المنظَّماتِ الدَّوليَّةِ بأنَّهَا جرائمُ حربٍ ضدَّ الإنسانيَّةِ!! ناهيكَ عَن الجَرحَى الذِينَ وصلَ عددُهُم إلى أكثر من ٧٧ ألفَ جريحٍ!! ومعَ ‏ذلكَ تستمرُّ في مخططاتِهَا القذرةِ في التَّهجيرِ القسريِّ ‏للسكَّانِ!! وهِي حينمَا أعلنتْ -مؤخَّرًا- عن اجتياحِ رفح، ليسَ بسببِ أنَّها آخرُ معاقلِ حماس -كمَا تدَّعي- بلْ لأنَّهَا المنطقةُ التِي لمْ تدمِّرهَا بعد عَن بكرةِ أبيهَا، ‏كمَا حدثَ في قطاعِ غزَّة، حيثُ تراكمت الملايينُ من الأطنانِ من الركامِ ‏التِي تحتاجُ إلى أكثر من أربعة عشر عامًا لانتشالِهَا.. ‏بلْ لتنفيذِ مخطَّطهَا الكبيرِ، وهُو التهجيرُ القسريُّ للسكَّانِ!!.

بلْ هناكَ المئاتُ من المفقودِينَ ‏ولا يُعرَفُ مصيرُهُم؛ ممَّا يدعمُ فرضيَّةَ ‏استيلاءِ إسرائيلَ علَى الجثثِ؛ ‏للاستفادةِ منهَا في بيعِ الأعضاءِ، حيثُ لدَى إسرائيلَ أكبرُ مركزٍ ‏لتصديرِ الأعضاءِ في العالمِ! ‏هذَا الظلمُ التَّاريخيُّ والتَّعدِّي والانتهاكاتُ البشعةُ لحقوقِ الإنسانِ، لَا تقلُّ عَن محرقةِ النازيِّينَ، فهِي محرقةٌ جديدةٌ بأيادِي النازيِّينَ الجُددِ في إسرائيلَ.. فهلْ تستفيقُ المنظَّماتُ الحقوقيَّةُ لذلكَ؟!.

‏هذه الحرب الظالمة، التي تشنُّها إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل؛ بحجَّة القضاء ‏على حماس، ‏‏غيَّرت الرأي العام العالمي ‏على مستوى الشعوب، حيث أصبحت شعوب العالم أكثر يقظة بظلم إسرائيل التاريخي للشعب الفلسطيني، وكذلك على مستوى الجامعات، وهي التي تضم النُّخب العلميَّة وفي عقر دار أمريكا التي تدعم ‏إسرائيل عسكريًّا وماليًّا، والتي يُفترض أن تُوجَّه لها تُهمة المساعدة في ارتكاب جرائم حرب، وقتل أطفال غزَّة ونسائها.. ‏‏ووجهة النَّظرِ الطلابيَّة الآنَ هِي ضرورةُ المقاطعةِ الأكاديميَّةِ للجامعاتِ الإسرائيليَّةِ، وسحبُ الاستثماراتِ من شركاتِ الأسلحةِ، ‏ووقفُ الأبحاثِ معَ وزارةِ الحربِ الإسرائيليَّةِ، ‏والشفافيَّةِ الماليَّةِ للأوقافِ الجامعيَّةِ.

‏هذهِ المطالبُ بدأتْ باحتجاجاتِ الطلابِ في جامعةِ كولومبيَا، وهِي الجامعةُ التِي كانَ لهَا تأثيرٌ على وقفِ الحربِ في فيتنام، وكذلكَ ضدَّ الفصلِ العنصريِّ في جنوبِ إفريقيَا، وقدْ تأثَّرتْ بالضغوطاتِ عليهَا؛ فجامعةُ هارفارد تمَّ تعليقُ هبةٍ لهَا بـ300 مليونِ دولارٍ، وجامعةُ كولومبيَا مُنيتْ بخسارةٍِ 50 مليونَ دولارٍ من أكبر مانحيهَا، وجامعةُ بنسلفانيَا بسحبِ منحةٍ بـ100 مليونِ دولارٍ.

بلْ امتدَّت آثارُهَا الاحتجاجيَّةُ إلى أكثر من ١٥٠ جامعةً أمريكيَّةً، وإلى معظمِ الجامعاتِ العالميَّةِ في كندا، وباريس، ولندن، وبلجيكا، وأستراليا.. ‏شاركَ فيهَا، ليسَ طلابَ العربِ والمسلمِينَ فقطْ، بلْ وكافَّة المواطنِينَ من مختلفِ الدِّياناتِ، ومنهُم يهودٌ، ورفعُوا شعارات: (يهود من أجلِ فلسطينَ) (Jews for Palestine)؛ ‏ممَّا يدلُّ على فهمٍ عميقٍ للانحيازِ الأمريكيِّ وحلفائِهَا لإسرائيلَ.

‏وإنْ كانت المنظَّماتُ الدوليَّةُ قدْ فشلتْ -حتَّى الآنَ- في إحقاقِ الحقِّ الفلسطينيِّ، وإقامةِ دولةٍ فلسطينيَّةٍ؛ فيجبُ فعلًا أنْ يصدرَ قرارٌ من محكمةِ الجناياتِ الدوليَّةِ بمذكرةِ توقيفٍ لقادةِ إسرائيلَ كمجرمِي حربٍ، ‏خاصَّةً وأنَّ هذَا القرارَ قدْ وقَّعت عليهِ حوالى١٩٠ ‏دولةً أوروبيَّةً؛ بلْ يجبُ أنْ يكونَ مصيرهُم مثلَ مصيرِ الرئيسِ الصِّربيِّ (ميلوشيفيتش)، ‏حيثُ ألقت السُّلطاتُ اليوغسلافيَّةُ القبضَ عليهِ، وسلَّمتهُ لمحكمةِ الجناياتِ الدوليَّةِ بتُهمةِ ارتكابِ جرائمَ حربٍ ضدَّ الإنسانيَّةِ، وتُوفِي وهُو في زنزانتِهِ.

هذَا، وقدْ اعتمدت الجمعيَّةُ العامَّةُ للأُممِ المتَّحدةِ -مؤخَّرًا- وبأغلبيةِ 143 صوتًا قرارًا يدعمُ طلبَ فلسطينَ للحصولِ على عضويَّةٍ كاملةٍ بالأُممِ المتَّحدةِ.

حقيقةً، نحنُ نرَى إرهاصاتِ إعادةِ صياغةِ غربٍ جديدٍ وأمريكَا جديدةٍ، فالأعلامُ الفلسطينيَّةُ تُرفعُ في كلِّ أنحاءِ العالمِ؛ مساندةً لغزَّة ووقفِ الحربِ فيهَا، وهُو مَا لمْ يكنْ يحدثُ مِن قَبل.. (وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store