يوم الثلاثاء الماضِي (13 مايو)، أعلنَ البيتُ الأبيضُ أنَّ جو بايدن الرَّئيسَ الأمريكيَّ، ومرشَّحَ الرِّئاسةِ المقبلةِ، قرَّر زيادةَ الضَّرائبِ علَى قائمةٍ جديدةٍ مِن الوارداتِ الأمريكيَّةِ مِن الصِّينِ.. إذْ استوردت الولاياتُ المتَّحدةُ الأمريكيَّةُ مِن الصِّينِ، خلالَ العامِ الماضِي بضائعَ تبلغُ قيمتُهَا 427 تريليونَ دولارٍ، مقابلَ صادراتٍ أمريكيَّةٍ بمبلغِ 178 تريليونَ دولارٍ. وهُو وضعٌ تجاريٌّ غيرُ مريحٍ إطلاقًا للأمريكيِّينَ.
الضَّرائبُ المُعلنةُ ستكونُ مَا يزيدُ عَن مئةٍ بالمئةِ مِن قيمتِهَا على السيَّاراتِ الكهربائيَّةِ الصِّينيَّةِ، إلى جانبِ ضرائبَ علَى وارداتٍ متعدِّدةٍ مِن الصِّينِ. وكانَ دونالد ترمب، الرَّئيسُ السَّابقُ للولاياتِ المتَّحدةِ، قدْ فرضَ خلالَ رئاستِهِ ضرائبَ علَى مَا يزيدُ عَن 300 بليونِ دولارٍ مِن البضائعِ الصِّينيَّةِ، ويقولُ -الآنَ- إنَّهُ إذَا فازَ بالرِّئاسةِ سوفَ يفرضُ ضريبةً عشرة بالمئةِ علَى كلِّ مَا تستوردُهُ أمريكَا مِن الدُّولِ الأُخْرَى، وضريبة 60% -على الأقلِّ- علَى جميعِ البضائعِ المُستوردةِ من الصِّينِ، وكذلكَ ضريبة 200% علَى السيَّاراتِ الكهربائيَّةِ الصِّينيَّةِ التِي يتمُّ تصنيعُهَا فِي المكسيكِ.
الحروبُ كانتْ -ولازالتْ- تقومُ للاستيلاءِ علَى مصادرِ الثَّرواتِ. والاضطرابُ القائمُ -الآنَ- فِي العالمِ سببهُ الشيءُ نفسهُ، فهناكَ حربٌ ملتهبةٌ فِي أوكرانيَا، يشاركُ الغربُ فيهَا، ضدَّ روسيَا، وحلف النَّاتُو، بمَا فيهِ أمريكَا، وبدونِ تركيَا، وتتردَّدُ الصِّينُ في زيادةِ حجمِ مشاركتِهَا فِي هذِهِ الحربِ؛ حفاظًا علَى مصالحِهَا. إلَّا أنَّ هناكَ حروبًا بالوكالةِ منتشرةً فِي كثيرٍ من مناطقِ العالمِ، ونحنُ -فِي شرقِنَا الأوسطِ- ابتُلينَا بعددٍ من حروبِ الوكالةِ هذهِ، أكانَ فِي سوريَا، أوْ السودان، أو ليبيَا، وغيرهَا، وكذلكَ الأمرُ فِي عددٍ مِن البلدانِ الإفريقيَّةِ. وعلينَا أنْ نتذكَّرَ أنَّ السياساتِ الاستعماريَّةَ كانتْ قائمةً علَى أساسِ الاستئثارِ بمصادرِ الثَّروةِ، وأوَّلُ انطلاقةٍ للجيوشِ الأوروبيَّةِ إلى إفريقيَا وآسيَا، كانَ باسمِ شركاتٍ تجاريَّةٍ أنشأتهَا دولُ أوروبَا. وإذا كانت مرحلة تلك الشركات، والأسلوب القذر المكشوف في استغلال ثروات بلاد العالم الثالث، واستعمارها لبلدانهم قد انتهت، إلَّا أنَّ أساس التوسُّع والرَّغبة في الاستحواذ على مصادر الثروات لازال قائمًا، بما في ذلك الشركات الضخمة التي تنطلق عابرة للحدود؛ سعيًا للهيمنة على الثروات. ومثلُ هذهِ الرَّغبةِ ليستْ مقتصرةً علَى الغربِ فحسبْ، بلْ إنَّ دولًا فِي الشَّرقِ تنظرُ إلى الأمورِ قريبًا مِن هذهِ النَّظرةِ. حيثُ إنَّ الثَّراءَ الذِي تحقِّقهُ أيُّ دولةٍ ينبعُ إمَّا مِن امتلاكِهَا مصادرَ الثَّروةِ، أو قدرتهَا على إدارةِ المواردِ والمصالحِ بشكلٍ يؤدِّي إلى إثرائِهَا. علمًا بأنَّ البندقيَّةَ لَا تُعطِي الرفاهيَّةَ، بلْ حُسنُ الإدارةِ هُو الذِي يحقِّقُ الرَّخاءَ للشُّعوبِ.
كان النفط سبب العديد من الحروب في العالم، وقلة من الدول، مثل المملكة العربية السعودية، أحسنت إدارة ثروتها النفطية. ويأتي الآن دور الطاقة النظيفة الذي استثمرت السعودية بلايين الدولارات في تطويرها. ويتنافس الأمريكيون والصينيون على كسب ود المملكة، حيث تتاح لبلادنا فرصة للمشاركة في تشكيل التنافس القائم بين هاتين القوتين -لصالح المملكة- والعالم. فالتنافس بدون قواعد سيؤدي إلى المزيد من المواجهات العسكرية وبالوكالة. ومصلحتنا هي ضمان استقرار منطقتنا ليتاح الازدهار لنا ولجيراننا.