Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

أنيس منصور.. عاشوا في حياتي

A A
الأديبُ والكاتبُ والفيلسوفُ المصريُّ الشهيرُ «أنيس منصور»، اشتُهرَ بالكتابةِ الفلسفيَّةِ عبرَ مَا ألَّفهُ مِن إصداراتٍ، جمعَ فيهَا إلى جانبِ الأسلوبِ الفلسفيِّ الأسلوبَ الأدبيَّ الحديثَ، ألَّفَ حوالى 200 كتابٍ تشكِّلُ في مجموعِهَا مكتبةً كاملةً متكاملةً مِن العلومِ والفنونِ والتاريخِ والرحلاتِ والآدابِ والصحافةِ والاجتماعِ، ناهيكَ عَن السياسةِ والفلسفةِ.

مِن أمتعِ إصداراتِهِ كتابٌ بعنوانِ «عاشُوا في حياتِي» بعددِ 704 صفحاتٍ، يقولُ فيهِ: «حفظتُ القرآنَ الكريمَ وأنَا فِي السابعةِ مِن عمرِي، وأنَا لَا أعرفُ كلمةً واحدةً ممَّا أقولُ، وقرأتُ مئاتِ الرواياتِ المترجمةِ، عرفتُ الكثيرَ مِن الأدباءِ العالميِّينَ، قبلَ أنْ أعرفَ الأدباءَ المصريِّينَ، وكنتُ وقتهَا فِي الثانية عشرة مِن عمرِي، عندمَا كنتُ طالبًا، كانَ الجيشُ الإنجليزيُّ فِي مصرَ أثناءَ الحربِ العالميَّةِ الثَّانيةِ، عملتُ بائعًا للكُتبِ صغيرةِ الحجمِ التِي كانتْ تُطبع للقوَّاتِ البريطانيَّةِ».

عَن الترحالِ والقراءةِ يقولُ: «كنتُ أمارسُ سباحةَ المسافاتِ الطويلةِ، والغوصَ فِي أعماقِ الكتبِ، أصعبهَا وأطولهَا وأعقدهَا فِي ثمانِي لغاتٍ، ومِن السَّفرِ تعلَّمتُ متعةَ التنقُّلِ، ولذَّةَ التَّغييرِ، وجمالَ الحركةِ».

وعَن ذكرياتِهِ يقولُ الكاتبُ: «عندمَا كبرتُ ودرستُ علمَ النَّفسِ أصبحتْ هوايتِي أنْ أعودَ إلى طفولتِي»، وعَن صدماتِهِ فِي الحياةِ، يقولُ: «عندمَا قرأتُ فِي صحيفةِ الوفدِ أنَّ ترتيبِي الأوَّلُ فِي الابتدائيَّةِ سارعتُ إلى المنزلِ، وجدتُ البابَ مفتوحًا، وجدتُ أُمِّي تنزفُ دمًا، فهمتُ منهَا أنْ استحضرَ لهَا طبيبًا، وفِي الثانويَّةِ كنتُ الأوَّلَ ذهبتُ إلى البيتِ فوجدتُ خالِي قدْ فارقَ الحياةَ، وعندَ تخرُّجِي فِي الجامعةِ وحصولِي علَى الترتيبِ الأوَّل، أخبرتُ والدِي بذلكَ، فحمدَ اللهَ وفارقَ الحياةَ، ويومَ عُيِّنتُ رئيسًا لتحريرِ مجلَّةِ «آخر ساعة» تُوفيتْ والدتِي، فكنتُ أتلقَّى التَّعازِي والتَّهانِي معًا، إنَّهَا عمليَّةٌ حسابيَّةٌ أخذ مِن هُنَا وخصم مِن هناكَ».

وعَن مخاوفهِ، ذكرَ أنَّه يخافُ من الماءِ؛ لأنَّه فِي الصغرِ توهَّمَ أثناءَ سباحتهِ فِي النِّيلِ معَ أصدقائِهِ أنَّ ابنَ خالتهِ غرقَ، ومِن يومهَا لمْ ينزل للبحرِ رغمَ تجوالهِ بأشهرِ شواطئِ العالمِ. وعَن الزَّواجِ، اعتبرهُ عادةً اجتماعيَّةً، وأنَّ النَّاسَ يحرصُونَ علَى الزَّواجِ السَّريعِ ليندمُوا بعدَ ذلكَ علَى مهلٍ، وعَن المرأةِ يقولُ إنَّها طويلةُ الشَّعرِ واللِّسانِ، ضيِّقةُ الكتفَينِ والأوفقِ، وأضافَ إنَّه لمْ يُعرفْ للمرأةِ صديقٌ، أكثر أعدائِهَا مِن بناتِ جنسِهَا؛ وعلَى الرغمِ مِن ذلكَ فقدْ أحبَّ الكاتبُ زوجتَهُ كثيرًا حتَّى أنَّه قالَ عنهَا في كتابهِ: «يجتمعُ فِي زوجتِي الذَّكاءُ، والحنانُ، النَّارُ التِي تدفئُ، والنُّورُ الذِي يضيءُ، والإنسانُ لَا يكونُ أعزبَ متشدِّدًا لسنواتٍ طويلةٍ، وإنَّما فقطْ عندمَا يبلغُ السِّنَّ التِي يراهَا».

وعَن الأُمَّةِ العربيَّةِ قالَ: «إنَّ كلَّ عناصرِ القوةِ أصبحتْ من أسبابِ الضعفِ العربيِّ، فنحنُ نتكلَّمُ لغةً واحدةً، وجغرافيَا واحدةً، وليسَ بيننَا إلَّا كلامٌ فِي كلامٍ»، وعَن السياسةِ قالَ الكاتبُ: «إنَّها فنُّ السَّفالةِ الأنيقةِ».

الكتابُ يعتبرُ سياحةً فكريَّةً فِي الأدبِ والفنِّ والفلسفةِ، إنَّه سيرةٌ ذاتيَّةٌ بقلمِ ونبضِ حياةِ الكاتبِ والفيلسوفِ الكبيرِ «أنيس منصور».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store