نشرتْ صحيفةُ المرصدِ الإلكترونيَّةِ مقطعَ فيديُو لطُلَّابٍ سعوديِّينَ جامعيِّينَ يتوقَّعُونَ رواتبَهُم بعدَ تخرُّجِهم وتوظُّفِهم، وأنَا مِن صميمِ قلبِي أدعُو لهُم بالتخرُّجِ دونَ تأخيرٍ، والتوظُّفِ دونَ تعطيلٍ، ونَيْلِ أعلَى الرَّواتبِ ومعهَا أرفع المراتبِ.
لكنْ مَا هِي الرَّواتبُ التِي يتوقَّعُونَها؟ حسبَ الصحيفةِ فإنَّها: ٨ أو ٩ أو ١٠ أو ١٢ أو ١٣ أو ١٥ أو ١٨ أو أكثر من ٢٠ ألف ريال، ومرَّةً أُخْرَى أدعُو اللهَ لهُم أنْ يرزقَهُم مَا يتوقَّعُونَه وأكثرَ ممَّا يتوقَّعُونَه، فهُم أبناءُ الوطنِ وأعزَّاؤهُ وأحبَّاؤهُ. وفي الحقيقةِ قدْ لَا يستطيعُ إلَّا القطاعُ الحكوميُّ تلبيةَ توقُّعاتِ الطُلَّابِ، أمَّا القطاعُ الخاصُّ فمَا زالتْ رواتبُهُ -بأمانةٍ- دونَ الطُّموحِ، ولهذَا يُفضِّلُ الخرِّيجُونَ وظائفَ القطاعِ الحكوميِّ علَى وظائفِ القطاعِ الخاصِّ، ولَا أنكرُ أنَّ رواتبَ القطاعِ الخاصِّ قدْ تحسَّنتْ قليلًا، لكنَّها لمْ ترتقِ لحوافزِ وضماناتِ القطاعِ الحكوميِّ، رغمَ أنَّنِي أشهدُ أنَّ وزارةَ المواردِ البشريَّةِ تحثُّ القطاعَ الخاصَّ -دائمًا- علَى زيادةِ رواتبِهِ، بلْ ووضعِ حدٍّ أدنَى مقبولٍ للرَّواتبِ، إلَّا أنَّ المشكلةَ مَا زالتْ قائمةً -ولوْ بدرجةٍ أقلَّ حدَّةٍ من السَّابقِ-.
ويعودُ السَّببُ في ذلكَ -مِن وجهةِ نظرِي- هُو كثرةُ الأجانبِ فِي القطاعِ الخاصِّ وتوظُّفهم فيهِ برواتبَ تُعتبرُ (سوبر) بالنسبةِ لهُم ولقيمةِ عُملاتِ بلادِهِم الأقلِّ مِن قيمةِ العُملةِ السعوديَّةِ مقدرةً وشراءً، فتجعلهُم فِي بحبوحةٍ مِن العيشِ عندَ تحويلِ أجزاءٍ كبيرةٍ مِن رواتبِهِم لذويهِم فِي بلادِهِم، فضلًا عَن تواضعِ التزاماتِهِم الماليَّةِ داخلَ المملكةِ، حيثُ يعيشُ كثيرٌ مِن الأجانبِ لدينَا إمَّا عُزَّابًا، أو تاركِينَ ذويهِم فِي بلادِهِم حتَّى حينٍ، عكسَ موظَّفِي القطاعِ الخاصِّ السعوديِّينَ الذِينَ يعيشُونَ وسطَ ذويهِم ويتحمَّلُونَ كافَّةَ الالتزاماتِ الماليِّةِ المعيشيَّةِ لآخرِ ريالٍ ودرهمٍ ودينارٍ.
أنَا أهيبُ وأدعُو القطاعَ الخاصَّ لزيادةِ رواتبِهِ، وجعْلِ الزيادةِ حافزًا لموظَّفيهِ السعوديِّينَ للكرِّ المثاليِّ فِي العملِ، والإخلاصِ والاجتهادِ والابتكارِ فيهِ، وَلَا شكَّ لديَّ أنَّ أيَّ زيادةِ رواتبَ تنعكسُ في مُحصِّلةِ الأمرِ ونهايتهِ إيجابًا علَى القطاعِ الخاصِّ بمزيدٍ مِن الإنتاجِ والأرباحِ والرسوخِ والثباتِ فِي الأسواقِ المحليَّةِ والعالميَّةِ، ويا قطاعنَا الخاصَّ العزيزَ: أنتَ تقدرُ وأبناؤنَا وبناتُنَا يستحقُّونَ.