الحرب الروسية - الأوكرانية آخذة في التوسع، حيث أصبحت أوروبا تتحدَّث عن إرسال قواتها إلى أوكرانيا لدعم حربها ضد روسيا (فرنسا أعلنت ذلك)، وأعلنت موسكو رسمياً أنها سوف تعتبر أي دولة أوروبية تُرسل قوات إلى أوكرانيا؛ وكأنها أعلنت الحرب عليها ويحق لموسكو مهاجمة أراضيها، خاصةً وأن الأوكرانيين أخذوا يطلقون صواريخهم ومسيّراتهم لتضرب داخل الأراضي الروسية، كما أن حلف الناتو أخذ يتحدث بأصوات مسؤوليه أن على دول الحلف أن يسمحوا لأوكرانيا باستخدام الأسلحة التي ترسلها دول الحلف لقوات أوكرانيا في ضرب الأراضي الروسية.
التصعيد واضح ومتزايد.. فهل نحن فعلاً على أبواب تحقيق كابوس الحرب العالمية الثالثة بدءاً من أوروبا، التي بدأت فيها الحربان العالميتان، الأولى والثانية؟!.
الناتو أصبح يتحدث عن احتمال استخدام الأسلحة النووية في المواجهة مع روسيا، بينما أعلنت موسكو تعبئة قواتها وتسليح جيوشها بأسلحة نووية، ووضعت هذه الأسلحة على حدودها مع أوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية.. فهل نشاهد بداية حرب نووية؟!.
الخطر النووي، والحرب العالمية، لن يكونا محصورين في أوروبا فحسب، فمتى انطلق الرصاص في حرب عالمية ثالثة؛ سوف ينتشر الدمار في كل مكان، ومتى أقدم أحد على استخدام قنبلة نووية، حتى وإن كانت صغيرة، فإن كل بقعة من بقاع العالم سوف يصلها النووي، ويدمر البلاد ويقضي على العباد. فمن هو المستفيد من كل هذا؟، وهل يوجد من يعتقد أنه يمكنه التحكم في مسار حرب عالمية نووية؟.. لا يوجد ما يدل على أن الحروب يمكن أن تُدار بشكل يُقلِّل من مخاطرها، فالنار إذا اشتعلت يصبح من الصعب التحكم في مسارها أو إطفائها، خاصةً السلاح النووي.
مرت حوالى سنتان على الحرب الروسية - الأوكرانية، ويظهر أن السنة الثالثة ستؤدي إلى توسيع الكوارث لتعم أوروبا المندفعة لمحاربة روسيا. المقاطعة الغربية لروسيا أدت إلى تعاون وثيق ما بين الصين وموسكو، وزادت حركة التجارة والمصالح فيما بين فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، وشي جين بينغ، الرئيس الصيني. وازداد اعتماد كل منهما على الآخر، ومن المنتظر مد أنبوب غاز فيما بينهما باسم (سيبيريا 2) يحل محل أنبوب الغاز الذي جرى تفجيره فيما بين ألمانيا وروسيا. ولن يكون من السهولة إبعاد موسكو عن بكين، حتى وإن حاول الغرب الاستفراد بكل منهما على حدة. ويصبح من الضروري إما الحرب المدمرة الشاملة في آسيا وأوروبا، وكذلك الأمريكيتين، أو انتظار ما ينتج عنهما والسعي لإدارته بشكلٍ ما؛ لمصلحة ما يتبقى من العالم. أو البحث عن حلول وسطية يمكن للقوى العالمية الكبيرة أن تتعايش معها، وتشرك القوى الصاعدة في تلك الحلول.
هناك تغيرات سياسية متوقعة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ستجري انتخابات في نوفمبر من هذا العام، لاختيار طبقة سياسية جديدة من نواب وحكام ولايات وقضاة وسيناتورات إلى جانب اختيار من سيتم انتخابه لرئاسة الجمهورية، وبالتالي الفريق الذي سيأتي معه، وغالباً ما يكون مئات أو آلاف من يملأون وظائف رئيسية حالية أو جديدة. وأمام أمريكا خياران رئيسيان إما أن يُعاد انتخاب الرئيس الديمقراطي جو بايدن، أو اختيار رئيس جديد هو دونالد ترمب، المثير للجدل، مع فريقه من الحزب الجمهوري، وهذه التغيرات أو عدمها ستؤثر فيما إذا كان التحدي القائم بين الغرب وروسيا والصين سيستمر كما هو الآن، أم أن هناك تعديلات في هذه المواجهة تُقلِّص احتمالات الحرب أكان في أوروبا أو آسيا.
وحتى ذلك الحين، عسى أن لا يخطئ مَن يُديرون السياسة العالمية في تقديراتهم لما قد يحدث نتيجة لهذه (الخطوة) أو تلك، ويبعدون أفكارهم عن الحرب والتحدي بالنووي. حتى يحل الفريق الجديد أو المتجدد الذي سيشارك في إدارة العالم.