فِي لقاءٍ تلفزيونيٍّ صرَّحَ اللَّاعبُ الأسطورةُ كريستيانو رونالدو بأنَّه يتمنَّى أنْ تكونَ مباراةُ نهائِي الكأسِ بينَ الهلالِ وناديهِ النَّصرِ مباراةً عادلةً، وربَّما يُشيرُ إلى اللَّغطِ الذِي أُثيرَ عَن تقنيةِ الفيديُو ومازالَ يُشغِلُ القنواتِ الرياضيَّةَ ووسائلَ التَّواصلِ الاجتماعيِّ عن أحقِّيَّةِ الهلالِ فِي الفوزِ بكلِّ مبارياتِهِ فِي الدَّورِي، وعددِ ضرباتِ الجَزاءِ الكثيرةِ التِي اُحْتُسبتْ لصالحِهِ بالرُّجوعِ لهذهِ التقنيةِ، وعددِ اللَّاعبِينَ الخصومِ الكُثُرِ الذِينَ طُردُوا أمامَهُ، وعددَ لاعبِي الهلالِ الذِينَ ارتكبُوا الأخطاءَ ولمْ تكنْ التقنيةُ كافيةً لتبيانِ أخطائِهِم، ثُمَّ طردِهِم، وليسَ هُنَا المجالُ لذكرِ أمثلةٍ قدْ لا تسعُ لهَا كتبٌ فضلًا عَن مقالٍ صغيرٍ!.
فَلَو كانَ هذَا هُو قصدُ رونالدو، فهذَا يؤزُّنِي للتحدُّثِ عن تقنيةِ الفيديُو، وهَلُ تُعتبرُ وسيلةً صحيحةً 100% لكشفِ الحقيقةِ التِي هِي الضمانُ الوحيدُ للعدلِ فِي كرةِ القدمِ؟.
أعتقدُ أنَّ تعقيداتِ تقنيةِ الفيديُو تتداخلُ معَ واقعِ أنَّ هناكَ خداعًا بشريًّا فِي اللُّعبةِ هُو جزءٌ منهَا منذُ اخترعَهَا الإنجليزُ قبلَ عشراتِ السِّنين، وكرةُ القدمِ كرياضةٍ لا تكترثُ بسموِّ الأخلاقِ (ألَا تتَّفقُونَ مَعي؟)، ومبارياتُ كرةِ القدمِ تتضمَّنُ كمًّا هائلًا مِن الأحداثِ ويتنافسُ فيهَا ٢٢ لاعبًا هُم بشرٌ بمَا فِي البشرِ مِن خصالٍ حميدةٍ وغيرِ حميدةٍ، ومَا يهمُّهم فقطْ هُو إدخالُ الكرةِ إلى شباكِ الخصومِ، وبالتَّالِي يتحتَّمُ علَى هذهِ الرياضةِ أنْ تغيبَ عنهَا بعضُ العدالةِ، ونظامُ اللُّعبةِ حافزٌ للاعبِينَ؛ كَي يتلاعبُوا بالتَّفاصيلِ لغرضِ تسجيلِ الأهدافِ!.
وحُكَّامُ غرفةِ الفيديُو بيدِهِم تفاصيلُ كثيرةٌ قدْ لَا تسعُ الثَّوانِي المعدوداتُ كَي يُبرزُوها كاملةً، أو ناقصةً قصدًا أوْ مِن غيرِ قصدٍ لحُكَّامِ السَّاحةِ، وكأيِّنٍ مِن مناسبةٍ اتَّضحَ بعدَ نهايةِ المبارياتِ بساعاتٍ وأيَّامٍ أنَّ التقنيةَ كانتْ في خانةِ الخطأِ، وربَّمَا كانَ تقديرُ حُكَّامِ السَّاحةِ البشريُّ هُو أكثرُ دقَّةً لأسبابٍ مِن أهمِّهَا معاينةُ حُكَّامِ السَّاحةِ لوجوهِ وأجسادِ اللَّاعبِينَ.. ليسَ مِن وراءِ حجابِ الكاميراتِ التِي لَا تُمكِّنهُم مِن التأكُّدِ التَّامِّ مِن وجودِ خداعٍ، أو افتعالٍ وتمثيلٍ شبهِ مُتقَنٍ!.
أنَا شخصيًّا كنتُ أستمتعُ بكرةِ القدمِ قبلَ اختراعِ تقنيةِ الفيديُو أكثرَ مِن الآنَ، ولكنْ طالمَا صارتْ جزءًا من اللُّعبةِ فأتمنَّى مثلمَا تمنَّى رونالدو أنْ يتفوَّق التَّحكيمُ علَى الآلةِ الصمَّاءِ، ويفوزُ بالمباراةِ مَن يستحقُّ، ويخسرُهَا -أيضًا- مَن يستحقُّ!.