Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

اكتشافات الصدفة!!

A A
يقدرُ الباحثُونَ والخبراءُ أنَّ أكثرَ مِن (30%) مِن الاختراعاتِ والاكتشافاتِ العلميَّةِ، التِي غيَّرتْ وجه العالمِ، وأسهمتْ فِي تقدُّمِ البشريَّةِ خُطواتٍ إلى الأمامِ، اكتُشفتْ عَن طريقِ الحوادثِ، والصدفةِ، والحاجةِ فِي بعضِ الأحيانِ، فـ»الحاجةُ أُمُّ الاختراعِ»، كمَا يقولُ المثلُ الشَّائعُ.

مِن هذهِ الاكتشافاتِ الهامَّةِ، والتِي أثَّرَتْ فِي حياةِ النَّاسِ، أعوادُ الثقابِ (الكبريت) والذِي اكتشفهُ الصيدليُّ البريطانيُّ (جون والكر) عامَ 1827م، فِي مختبرِهِ العلميِّ عَن طريقِ الصُّدفةِ، كانَ ذلكَ بعدمَا جفَّتْ موادُّ كيميائيَّةٌ علَى عودٍ مِن مادةِ الخشبِ الذِي كانَ يستخدمُهُ (جون والكر) لمزجِ أنواعٍ مختلفةٍ مِن هذهِ الموادِّ، وتسبَّبتْ هذهِ الموادُّ فِي إشعالِ النَّارِ عندمَا حاولَ (جون والكر) إزالتَهَا مِن سطحِ عودِ الخشبِ.

والغريب أن اختراع الولاعة كان قبل اختراع أعواد الثقاب بأربع سنوات! ففي عام 1823م، ظهرت أول ولاعة اخترعها الكيميائي الألماني (جون ولفغانغ دوبرينر)، واعتمدت على تفاعل غاز الهيدروجين مع معدن البلاتينيوم؛ لتوليد شعلة النار.

ومِن اكتشافاتِ الصُّدفةِ مادَّةُ الأنسلِين الذِي اكتشفهُ عالِمُ الجراثيمِ (ألكسندر فليمنج) عامَ 1929م، وذلكَ بعدمَا تركَ وعاءً بلَا غِطاءٍ مليءٍ بالبكتيريَا فِي مختبرِهِ لبعضِ الوقتِ، كانَ مِن نتيجتِهِ تكوينُ مادَّةٍ مِن العفنِ غطَّتِ الوعاءَ، تسبَّبتْ فِي التخلُّصِ مِن غالبيةِ البكتيريَا الموجودةِ، وكانَ ذلكَ فِي بدايةِ عصرِ اكتشافِ المضاداتِ الحيويَّةِ.

الأشعَّةُ السَّينيَّةُ -أيضًا- مِن اكتشافاتِ الصُّدفةِ، عندمَا اكتشفَ الفيزيائيُّ الألمانيُّ (ولهلم رونتجن) أنَّ أشعَّةَ الكاثودِ غيرَ المرئيَّةِ سبَّبتْ تأثيرًا مُشعًّا علَى قطعةٍ مِن الورقِ مغطاةٍ بمادَّةِ (باريوم بلاتينومكيانيد)، وبدأتْ تشعُّ فِي الغرفةِ، وأطلقَ علَى هذَا الاكتشافِ اسمَ (الأشعَّة السينيَّة).

مادَّةُ البلاستيكِ مِن اكتشافاتِ الصُّدفةِ، فعلَى الرغمِ مِن أنَّ مادَّةَ البلاستيكِ فِي البدايةِ كانتْ تعتمدُ علَى الموادِّ العضويَّةِ، إلَّا أنَّ العالِمَ الكيميائيَّ الأمريكيَّ (ليو بأوكلاند) اخترعَ مادَّةً مِن البلاستيكِ فِي عامِ 1907م، كانتْ مصنوعةً مِن موادَّ اصطناعيَّةٍ، وقامَ العالِمُ بمزجِ مادَّةِ الفور مالد هايد والفينول، وعرَّضَ الموادَّ لدرجةِ حرارةٍ مرتفعةٍ؛ مَا أسفرَ عَن عدمِ ذوبانِهَا.

الزُّجاجُ الآمنُ للسيَّاراتِ، فِي البدايةِ كانَ يُصنعُ مِن مادَّةٍ رقيقةٍ للغايةِ؛ مَا أدَّى إلى وجودِ خطرٍ دائمٍ لاحتمالِ تعرُّضهَا للكسرِ، ووجدَ عالِمُ الكيمياءِ الفرنسيُّ (إدوارد بينيدكتس) حلًّا لهذهِ المشكلةِ فِي مختبرِهِ عامَ 1909م، عندمَا وقعتْ قارورةٌ مصنوعةٌ مِن الزُّجاجِ فِي المختبرِ، ولاحظَ «بينيدكتس» أنَّ الزُّجاجَ لمْ ينكسرْ، وذلكَ لأنَّ القارورةَ كانتْ مغلَّفةً بمادَّةِ البلاستيكِ مِن الدَّاخلِ، وعرضَ «بينيدكتس» اكتشافَهُ علَى شركاتِ تصنيعِ السيَّاراتِ، ولكنَّهَا رفضتْ فكرتَهُ فِي البدايةِ؛ بسببِ ارتفاعِ تكاليفِ التَّصنيعِ.

وأخيرًا شرابُ البيبسِي الذِي اخترعَهُ الصيدليُّ الأمريكيُّ (كاليب برادهام) بالصُّدفةِ بصيدليَّتِهِ عامَ 1898م مِن خلطِ عدَّةِ موادَّ معَ ماءِ الصُّودَا؛ لِكَي يقدِّمهُ بالصيدليَّةِ للزَّبائنِ باردًا فِي أيَّامِ الصَّيفِ. وعندمَا تدافعَ النَّاسُ لشراءِ مشروبِهِ؛ اقتنعَ (برادهام) بفتحِ شركةٍ صغيرةٍ لتسويقِ منتجِهِ وتسجيلِ براءةِ اختراعٍ فِي عامِ 1902م.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store