معَ تقدُّمِ التكنولوجيَا، وتطوُّرِ الرعايةِ الصحيَّةِ، لَا يزالُ مرضُ السرطانِ يشكِّلُ تحدِّيًا كبيرًا لدولِ العالمِ أجمع، وبالرغمِ مِن هذهِ التحدِّياتِ، فإنَّ المملكةَ تبذلُ جهودًا عظيمةً لتحسينِ نظامِ الرعايةِ الصحيَّةِ، وتقليلِ معدلاتِ الإصابةِ بالسَّرطانِ.
فاتَّخذت الحكومةُ عدَّة إجراءاتٍ، منهَا: تطويرُ برامجِ التوعيةِ والتثقيفِ الصحيِّ للمواطنِينَ، وتعزيزُ الرعايةِ الصحيَّةِ الأوليَّةِ، وتحسينِ سُبلِ الكشفِ المبكِّرِ عَن السرطانِ، بالإضافةِ إلى تشجيعِ البحثِ العلميِّ والاستثمارِ فِي التقنياتِ الطبيَّةِ الحديثةِ، وتنظيمِ حملاتٍ لمكافحةِ عواملِ الخطرِ، كالتَّدخينِ والبَدانةِ، ومِن ضمنِ البرامجِ التِي تنفِّذهَا وزارةُ الصحَّةِ والجمعيَّاتُ الطبيَّةُ، حملاتٌ توعويَّةٌ مستمرَّةٌ حولَ أنماطِ الحياةِ الصحيَّةِ، والأهميَّةِ الكُبْرَى للكشفِ المبكِّرِ عَن السَّرطانِ، وإطلاقِ أسابيعَ وطنيَّةٍ للتوعيةِ بمختلفِ أنواعِ السَّرطانِ، والتِي تهدفُ إلى رفعِ الوعيِ المجتمعيِّ وتشجيعِ الفحوصاتِ الدوريَّةِ.
هذهِ البرامجُ والمبادراتُ تعكسُ الجهودَ الحثيثةَ التِي تبذلُهَا المملكةُ؛ للحدِّ مِن انتشارِ أنواعِ السَّرطانِ الأكثرِ شيوعًا، وتعزيزِ الكشفِ المبكِّرِ عنهَا.
ووفقًا للبياناتِ المُتاحةِ فِي تقريرِ المجلسِ الصحيِّ السعوديِّ للعامِ الماضِي، سجَّلتْ عددُ المنشآتِ الصحيَّةِ نموًّا بنسبةِ 16%، فبلغتْ 5688 منشأةً صحيَّةً، وارتفعَ عددُ الممارسِينَ الصحيِّينَ بنسبةِ 40%، فبلغَ عددُهم 124,064 ممارسًا صحيًّا، وارتفعَ عددُ الجهاتِ المرخَّصةِ بنسبةِ 77%، والتِي بلغتْ 1926 جهةً مرخَّصةً، وبلغَ عددُ المرضَى فِي العامِ الماضِي 21.5 مليون مريضٍ.
أمَّا بالنسبةِ لمرضَى السَّرطانِ، فبلغَ إجماليُّ الحالاتِ المكتشفةِ فِي المملكةِ حوالَى 17,291 حالةً مكتشفةً، منهَا 56% للإناثِ، مقابلَ 44% للذكورِ، وسجَّل سرطانُ الثديِّ الأعلَى بينَ النِّساءِ، فبلغتْ عددُ الحالاتِ 2359 حالةً، وسرطانُ القولونِ والمستقيمِ بينَ الرَّجالِ 966 حالةً، وسرطانُ ابيضاضِ الدَّمِ الأعلَى بينَ الأطفالِ 236 حالةً.
فقامتْ وزارةُ الصحَّةِ بتنفيذِ برنامجِ الكشفِ المبكِّرِ عَن سرطانِ الثَّدي؛ لتشجيعِ النِّساءِ علَى إجراءِ فحوصاتٍ منتظمةٍ بتوفيرِ ماموجرام مجانيٍّ للنِّساءِ فِي عمرِ 40 عامًا فأكثر، والذِي أدَّى إلى زيادةِ معدَّلاتِ المشاركةِ في الفحوصاتِ بشكلٍ ملحوظٍ خلالَ السنواتِ الأخيرةِ، بالإضافةِ إلى برامجِ الكشفِ المبكِّر عَن سرطانِ الرئةِ وتوفيرِ فحوصاتِ تصويرٍ بالأشعَّةِ المقطعيَّةِ للرئةِ بشكلٍ منتظمٍ، خاصَّةً لدَى المدخنِينَ، معَ تقديمِ المبادراتِ والحملاتِ للتَّشجيعِ علَى الإقلاعِ عَن التَّدخينِ والخضوعِ للفحوصاتِ الدوريَّةِ، بالإضافةِ إلى العديدِ مِن الحملاتِ الطبيَّةِ التوعويَّةِ، معَ التركيزِ علَى الوقايةِ والتشخيصِ المبكِّرِ لتحقيقِ مستقبلٍ أكثر صحَّة وأمانًا للمواطنِينَ.
إن الحديث عن الأرقام فقط لا يكفي، وإنما ربطها بالجودة في الأداء هو الأهم، وأجزم أن مستوى الجودة في علاج أمراض السرطان متقدم جداً في المملكة، ومما يؤيد هذا، هو تشخيص أحد المرضى من أسرتي، الذي أرسل لمتابعة علاجه من أحد أنواع السرطان في أحد أشهر المستشفيات المتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية، والذين أقروا وأيدوا التشخيص، وخطة العلاج التي بدأها مركز الأميرة نورة للأورام في مستشفى الحرس الوطني بجدة.