Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد أحمد بصنوي

الحج.. رحلة إيمانية في ظلِّ كرم الضيافة السعودية

A A
يتوجَّهُ المسلمُونَ فِي هذهِ الأيَّامِ مِن كلِّ أنحاءِ العالمِ إلى مكَّة المكرَّمة والمدينة المنوَّرة لآداءِ مناسكِ الحجِّ الرَّكنِ الأعظمِ في الإسلامِ، باحثِينَ عَن المغفرةِ والتَّقوَى والتَّواصلِ الرُّوحيِّ معَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وتُسخِّرُ المملكةُ -التِي تحملُ لواءَ خدمةِ بيوتِ اللهِ الحرامِ- كلَّ إمكانياتِهَا لضمانِ راحةِ وسلامةِ الحجَّاجِ فِي تلكَ الرحلةِ الإيمانيَّةِ العظيمةِ التِي تُجسِّدُ وحدةَ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ.

تتمتَّعُ المملكةُ بخبرةٍ راسخةٍ في تنظيمِ الحجِّ، تمتدُّ لعقودٍ من الزَّمنِ، وتُسخِّرُ هذهِ الخبرةَ فِي التخطيطِ الدَّقيقِ، وتنفيذِ جميعِ مراحلِ الحجِّ بكفاءةٍ عاليةٍ، بدءًا من استقبالِ الحجَّاجِ ووصولِهم إلى المشاعرِ المقدَّسةِ، مرورًا بتوفيرِ الخدماتِ الأساسيَّةِ من سكنٍ ونقلٍ وغذاءٍ ورعايةٍ صحيَّةٍ، وصولًا إلى تسهيلِ أداءِ المناسكِ بكلِّ يُسرٍ وسهولةٍ، وهذَا الأمرُ ليسَ باليسيرِ، خاصَّةً إذَا علمتْ أنَّ موسمَ حجِّ 1444هـ (2023 م) شهدَ حضورَ 1,8 مليون حاجٍّ مِن جميعِ أنحاءِ العالمِ، منهُم 1,6 حاج قدِمُوا من خارجِ المملكةِ عبرَ المنافذِ المختلفةِ، فيمَا بلغَ عددُ حجَّاجِ الداخلِ 1.184 حاجًّا من مواطنِينَ ومقيمِينَ.

لا تكتفِي المملكةُ بمَا وصلتْ إليهِ من خبرةٍ ممتدةٍ في تنظيمِ الحجِّ، بل تُواصلُ تطويرَ خدماتِهَا، مستفيدةً من أحدثِ التقنياتِ والابتكاراتِ، وتشملُ هذِهِ الخدماتُ التَّسجيلَ الإلكترونيَّ، حيثُ يُتيحُ هذَا النظامُ للحجَّاجِ التَّسجيلَ والتَّقديمَ علَى تصاريحِ الحجِّ بكلِّ سهولةٍ ويُسرٍ، من خلالِ منصَّة «نُسك» الإلكترونيَّة، وتوفيرِ أفضلِ الخدماتِ الطبيَّةِ للحجَّاجِ، بمَا يشملُ إنشاءَ مستشفياتٍ ومراكزَ صحيَّةٍ مُتقدِّمةٍ فِي جميعِ أنحاءِ المشاعرِ المقدَّسةِ، حيثُ تمَّ توفيرُ 32 مستشفًى، و140 مركزًا صحيًّا، بسعة 6,132 سريرًا، و761 سريرًا للعنايةِ المركَّزةِ، و222 سريرًا لضرباتِ الشَّمسِ، وتنفيذُ خططِ أمنِ الحجِّ مِن خلالِ مشاركةِ أكثرِ مِن 100 ألفِ رجلِ أمنٍ معنيِّينَ بالدرجةِ الأُولَى بالمهامِّ الأمنيَّةِ.

وتشاركُ 21 جهةً حكوميَّةً فِي تقديمِ أكثرِ مِن 200 خدمةٍ رئيسةٍ وتشملُ: أنشطةَ الأماناتِ والبلديَّاتِ، وخدماتِ الرقابةِ والتَّفتيشِ، وخدماتِ تجهيزِ وتهيئةِ المنافذِ لاستقبالِ الحجَّاجِ، وخدماتِ إصدارِ تصاريحِ الحجِّ لحجَّاجِ الدَّاخلِ، وخدماتِ الأحوالِ المدنيَّةِ، ويبلغُ إجماليُّ القوى العاملةِ التِي تُقدِّمُ الخدماتِ العامَّةِ 257 ألفَ موظَّفٍ وموظَّفةٍ، منهُم علَى مدارِ السَّاعةِ طوالَ أيَّامِ موسمِ الحجِّ، فيمَا بلغَ عددُ المُعدَّات والآليَّاتِ المستخدمةِ لهذهِ الخدماتِ 62,050 مُعِدَّةً وآليَّةً، و7727 سيَّارةً، و2640 درَّاجةً ناريَّةً، و14,498 جهازًا لاسلكيًّا، و5337 جهازَ حاسبٍ، وفي مجالِ الإرشادِ وتقديمِ خدماتِ الدَّعمِ والمساندةِ تقومُ جمعيَّةُ الكشَّافةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ عَن طريقِ 3289 كشَّافًا بإرشادِ الحجَّاجِ التَّائهِينَ وإيصالِهم إلى مقرَّاتِهِم.

ليسَ هذَا فقطْ، بلْ تقومُ المملكةُ بنصبِ أكبرِ مدينةِ خيامٍ فِي العالمِ فِي مشعرِ «منى» علَى مساحةٍ تُقدَّرُ بـ2.5 مليون مترٍ مربَّعٍ؛ لاستيعابِ أكثرِ مِن 1.8 مليون حاجٍّ فِي أكثرِ مِن 150 دولةً، وتخصِّصُ أكثرَ مِن 24 ألفَ حافلةٍ لنقلِ الحجَّاجِ إلى المشاعرِ المقدَّسةِ خلالَ موسمِ الحجِّ، بالإضافةِ لتطويرِ البنيةِ التحتيَّةِ فِي المشاعرِ المقدَّسةِ بشكلٍ كبيرٍ، بمَا يشملُ توسيعَ المساجدِ، وبناءَ المزيدِ من الجسورِ والأنفاقِ، وتطويرَ منظومةِ النقلِ العامِّ.

ولَا ننسَى أنَّ كرمَ الضيافةِ، وطيبةَ رجالِ الأمنِ والمتطوِّعِينَ يُضفِي علَى رحلةِ الحجِّ شعورًا خاصًّا بالدفءِ والأمانِ، فهُم يقفُونَ جنبًا إلى جنبٍ مع الحجَّاجِ، لتقديمِ أفضلِ الخدماتِ والمساعدةِ والإرشادِ بكلِّ صبرٍ وتفانٍ؛ إيمانًا منهُم بأهميَّةِ هذهِ الفريضةِ الدينيَّةِ؛ ممَّا يُساهمُ فِي خلقِ بيئةٍ مُريحةٍ تُتيحُ للحجَّاجِ التركيزَ علَى أداءِ مناسكِهِم بكلِّ خشوعٍ وهدوءٍ.

وأخيراً وليس آخراً، فبفضل من الله، ثم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين -حفظهما الله ورعاهما-، وخبرة القائمين على تنظيم الحج، وطيبة وسمو أخلاق رجال الأمن والمتطوعين، والخدمات الراقية الحديثة التي توفرها مملكتنا الحبيبة، تصبح رحلة الحج تجربة إيمانية استثنائية، تخلد في ذاكرة كل حاج، وهو ما يساهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز للإسلام والمسلمين، وخدمة بيت الله الحرام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة