برنامج (خدمة ضيوف الرحمن) هو أحد برامج رؤية ٢٠٣٠م التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في رمضان 2019، ليسهم في إحداث نقلة نوعية في الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، حيث تعتمد الأهداف الإستراتيجية للبرنامج على تيسير استضافة المزيد من الحجاج والمعتمرين، وتقديم خدمات ذات جودة عالية، وإثراء التجربة الدينية والثقافية للحجاج والمعتمرين.
ولم يكن ذلك ليتحقق إلا بهمّة وعزائم الرجال في هذه الدولة المباركة، التي تجعل خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من أولى أولوياتها، فتم توفير جميع البنى التحتية اللازمة في مرحلة ما قبل الوصول، وأهمها استخراج التأشيرة، ومنصة نسك لتسهيل التسجيل في باقات الحج، وتقديم حلول إلكترونية واسعة، ثم مرحلة إثراء التجربة الدينية والثقافية من خلال تأهيل المواقع التاريخية والأثرية في مكة والمدينة، ناهيك عن المبادرات القيّمة التي أُطلقت ومنها: مبادرة طريق مكة، ومبادرة التأمين الصحي. بالإضافة إلى البنى التحتية في المطارات وقطار الحرمين، وتهيئة المنافذ. بل كانت التقنية حاضرة في كل مراحل رحلة الحاج وأهمها مبادرة: (بطاقة الحاج الذكية)، التي وُجِدَت منذ موسم حج ١٤٣٩هـ، وتطورت حتى وصلت إلى ما يُسمَّى بـ(بطاقة نسك)، وهي هذا العام إلزامية لجميع الحجاج، وتحتوي على كافة بيانات الحاج، بدءاً من رقم جوازه وصورته.. إلى حالته الصحية.. وأُصدرت بنسخة ورقية أيضاً.
لا تُحقِّق هذه المبادرات نتائج عالية، إلا إذا تضافرت الجهود مع مقدمي الخدمات، وكانت على مستوى عالٍ من الدقة والاحترافية والمهنية.. وهذا ما لمسته خلال العمل في شركة (رحلات ومنافع)، وهي إحدى أكبر الشركات هذا العام في تقديم الخدمة لحوالى ثلاثمائة ألف حاج، وتعتمد على شركة إسناد عالية المعايير؛ في خدمة ضيوف الرحمن، وتنظيمات إدارية على حسب القطاعات الأساسية؛ (الإسكان، الاستقبال والتفويج، النقل والتصعيد، والخدمات العامة، والإعاشة، والمراقبة والمتابعة، وكذلك خدمات المشاعر المقدسة).. مع الاهتمام بخدمة العملاء وتطبيق برامج رضا المستفيد والجودة، التي تسهم بدورٍ كبير في تحقيق رضا ضيوف الرحمن.
هذه الكيانات وظفت فيها كوادر بشرية بمؤهلات وخبرات مهنية عالية، يعمل كل كيان بروح الفريق الواحد، وهذه سياسة رئيس شركة الإسناد المهندس نواف بخاري، وأن نجاح الفريق هو نجاح للشركة؛ وفي منظومة السكن مثلاً لابد من التأكد من اكتمال كافة التجهيزات اللازمة للسكن المريح، وفي حالة عدم توفره يوقع محضر، ويتم إلزام صاحب العمارة أو الفندق بتغييرها فوراً، ويشرف على ذلك القوي الأمين الأستاذ هاني عبدالجبار، الذي يأمل أن يعود السكن لمقدمي الخدمات لتفادي الكثير من المشكلات.
بل إن منظومة الاستقبال في المنافذ، والتي يُشرف عليها أحد أبطال الميدان الأستاذ أحمد شطا، يُبهرك بالدقة في تحديد عدد الرحلات القادمة من المنافذ: من مطار جدة، ومنفذ النوارية البري للقادمين من المدينة المنورة، ومنفذ محطة قطار الحرمين، وسرعة الاستقبال وتفويجهم إلى مقار سكنهم في وقت قياسي، وإحصائية يومية عن عدد حجاج الشركة الذين وصلوا في مكة أو المدينة من كافة الجنسيات، وهم من 13 دولة.
كما أن مدير إدارة النقل الأستاذ محمد الجمل يؤكد على وجود أكثر من 64 شركة نقل؛ تعمل على أعلى المواصفات بين المدن وفي المشاعر المقدسة؛ لتوفير أقصى درجات الراحة والسلامة في النقل، وأن هناك شاشة إلكترونية في كل حافلة للمواقع؛ تُحدِّد موقع السكن للحجاج لمساعدة المرشدين، مع الاهتمام بأن لا يكون في الحافلة حجاج إلا لموقع واحد لتسهيل وصولهم إلى مقرهم.. بل المدهش، الذي قد لا يتوفر إلا نادراً في أي مطارات العالم، أن حقائب الحاج تصل إلى الفندق وإلى غرفته عن طريق الباركود المزود به رقم الحاج وجواز سفر هو في بطاقة نسك، وهو كذلك حتى في الرحلات عن طريق قطار الحرمين، حيث يشرف على ذلك مدير عمليات مكة المكرمة في الشركة الأستاذ ريان فلمبان، فأصبح الحاج بعد خروجه من المطار يستقل القطار، وخلال أقل من نصف ساعة من الفرز والتصنيف وركوب الحافلة يجد الحاج نفسه في موقع سكنه.. كل ذلك تسهيلاً لضيوف الرحمن في رحلتهم.
ونضيف إلى ذلك، ما تقوم به وزارة الحج من جهة، وشركات الحج من جهة أخرى، في تقديم الكثير من الدورات التدريبية والورش التطويرية؛ لرفع الكفاءة المهنية لمقدمي الخدمات ومنها: دورة تدريبية بالشراكة مع النقابة العامة للسيارات للتدريب على نظام (ضيف)، لأعضاء النقل ومدخلي البيانات؛ وورشة عمل عن إدارة عمليات التغذية وسلامة الغذاء في المشاعر المقدسة، وبإشراف الرئيس التنفيذي الأستاذ أحمد التمار، لتبقى الرحلة أجمل ذكرى.
هذا غيضٌ من فيض في رحلة الحاج، والجهود الكبيرة المقدمة، والتي نتحدى فيها أكبر الدول في القدرة على إدارة الحج.. وللحديث بقية إن شاء الله.