اقتنيْتُ العديدَ مِن السيَّاراتِ طيلةَ حياتِي، وانحصرتْ أنواعُهَا بينَ السيَّاراتِ الأمريكيَّةِ والألمانيَّةِ واليابانيَّةِ؛ ممَّا نالتْ شهرةً عالميَّةً فِي الأداءِ والجودةِ.
وعندمَا قرَّرتُ قبلَ سنةٍ شراءَ سيَّارةٍ جديدةٍ بعدَ بيعِي لسيَّارتِي القديمةِ تجوَّلْتُ بينَ المعارضِ الكثيرةِ لأكتشفَ مدَى الارتفاعِ الفاحشِ فِي أسعارِ السيَّاراتِ خصوصًا السيَّاراتِ الأمريكيَّةَ والألمانيَّةَ واليابانيَّةَ، وكمثالٍ كانتْ لديَّ قبلَ سنواتٍ قليلةٍ سيَّارةٌ يابانيَّةٌ بسعرِ ١٣٣ ألفَ ريالٍ نقدًا، وأصبحتْ الأنَ بسعرِ ١٧٠ ألفَ ريالٍ نقدًا!.
عندهَا قرَّرْتُ شراءَ سيَّارةٍ صينيَّةٍ رغمَ أنَّ كلَّ مَن أعرفهُم أشارُوا عليَّ بعدمِ شراءِ أيِّ سيَّارةٍ صينيَّةٍ، قائلِينَ إنَّها مثلُ الخُرْدةِ، بلْ شبَّههَا بعضُهُم بمصابيحَ الإضاءةِ الصينيَّةِ التِي سُرعانَ مَا تحترقُ بعدَ استخدامِهَا بفترةٍ بسيطةٍ، وأنَّ مَا يُميِّزهَا فقطْ هُو انخفاضُ أسعارِهَا.. ليسَ انخفاضهَا الذَّاتيَّ بلْ مقارنةً بنظيراتِهَا الأمريكيَّةِ والألمانيَّةِ واليابانيَّةِ؛ لأنَّ الارتفاعَ قدْ مسَّهَا كذلكَ ولكنْ بشكلٍ أقل.
وأذكرُ أنَّ صديقًا استشهدَ بآيةٍ قرآنيَّةٍ عندمَا أخبرتهُ بعزمِي شراءَ سيَّارةٍ صينيَّةٍ، قائلًا لي: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)؛ ولأنِّي لسْتُ مِن بنِي إسرائيلَ العُصاةِ للهِ والأنبياءِ والإنسانيَّةِ، وَلَا أستبدلُ البقْلَ والقثَّاءَ وَالفُومَ والعَدَسَ والبَصَلَ بالمنِّ والسَّلوَى، بلْ أستبدلُ بسيَّارتِي الحديديَّةِ القديمةِ أُخْرَى حديديَّةً جديدةً مصنوعةً فِي الصِّينِ، وبسعرٍ أرخصَ، وجودةِ السيِّاراتِ أصلًا بمَن يقودُهَا مِن البشرِ ويرعَاهَا خيرَ رعايةٍ، ويصونُهَا خيرَ صيانةٍ.
وهكذَا اقتنيْتُ سيَّارةً صينيَّةً لأوَّل مرَّةٍ فِي حياتِي ومرَّت سنةٌ تقريبًا علَى شرائِي لهَا، وأرَاهَا فِي مستوَى نظيراتِهَا مِن السيَّاراتِ الأُخْرَى، وربَّمَا أفضلُ وبتوفيرِ سعرٍ يبلغُ عشراتِ الآلافِ مِن الريالاتِ، وقُدْتُهَا فِي طرقٍ ترابيَّةٍ ومُسفلتةٍ، ساحليَّةٍ وجبليَّةٍ، ولم أرَ فرقًا فنيًّا يُذكرُ، وهِي ذاتُ تقنيةٍ عاليةٍ قدْ لَا يُجيدهَا إلَّا أهلُ الصِّينِ.
وأظنُّ، وأتمنَّى ألَّا يكونُ ظنِّي إثمًا، أنَّ صُنَّاعَ السيَّارات الأُخْرَى يعملُونَ علَى مسارَينِ متوازيَّينِ، أحدهمَا هُو إشهارُ سيَّاراتِهم كأفضلِ سيَّاراتٍ، والآخَر هُو إظهارُ السيَّاراتِ الصينيَّةِ كأسوأِ سيَّاراتٍ، بينمَا الصينيُّونَ لَا يكترثُونَ، يصنعُونَ ويبرعُونَ، وعمَّا قريبٍ قدْ يظهرُونَ علَى منافسيهِم وينتصرُونَ النصرَ المُبينَ.
سنةَ أُولَى سيَّارة صينيَّة، والنتيجةُ: نجاحٌ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمِينَ.