.. اعتذارُ سموِّ وليِّ العهدِ عَن المشاركةِ فِي جلسةِ التواصلِ لقمَّةِ مجموعةِ السبعِ ينبثقُ مِن شخصيَّةِ سموِّه القياديَّةِ الفذَّةِ المسكونةِ بهمومِ وطنٍ، وهمومِ أُمَّةٍ، وهمومِ مَا هُو أهمُّ.. ونقرأُ هذَا مِن زاويتَينِ:
الأُولَى: هِي حرصهُ الكبيرُ علَى الإشرافِ المباشرِ علَى أعمالِ الحجِّ، وتوفيرِ المناخِ لحجٍّ آمنٍ ومطمئنٍ وميسَّرٍ، وخصوصًا فِي ظلِّ التحدِّيات والظُّروفِ المحيطةِ.
والثَّانيةُ: هِي رسالةٌ للعالمِ العربيِّ والإسلاميِّ والعالميِّ بأنَّ الحجَّ هُو الحدثُ الأهمُّ عندنَا لَا يفوقُه أيُّ حدثٍ حتَّى وإنْ كانَ مجموعةَ السبعِ، أوْ أيَّ حدثٍ آخرَ فِي العالمِ..
*****
.. هذَا أوَّلًا، ثمَّ تعالُوا ندخلْ إلى صُلبِ الموضوعِ.. لَا أحدَ ينكرُ فِي هذَا العالمِ الجهودَ الكبيرةَ، والإنفاق الضخم، والتنظيمَ المحكمَ من المملكةِ في الحجِّ، وفِي كلِّ موسمِ حجِّ -وللهِ الحمدُ- نخلقُ نجاحًا، ونصنعُ تميُّزًا، حتَّى غدتْ المملكةُ واحدةً مِن أهمِّ ثلاثِ دولٍ فِي العالمِ فِي تنظيمِ الحشودِ وإدارتِهَا.
وكلُّ منصفٍ ومحايدٍ على المستوَى الرسميِّ والشعبيِّ يشيدُ بهذهِ الجهودِ، وبهذهِ النجاحاتِ.
وأعجبنِي جدًّا قولُ سامي المسعودي رئيسِ بعثةِ الحجِّ العراقيَّةِ وهُو يتحدَّثُ باسمِ بعثاتِ الحجِّ: «نشكرُكُم علَى الجهودِ الاستثنائيَّةِ والنوعيَّةِ التِي تقدَّمُ لحجَّاجِ بيتِ اللهِ الحرامِ.. إنَّكُم تديرُونَ الحجَّ بكلِّ اقتدارٍ وتميُّزٍ وعطاءٍ منقطعِ النَّظيرِ»..
*****
.. لكنَّ هذَا لَا يُرضِي أولئكَ الذِينَ فِي قلوبِهِم مرضٌ، وفِي عقولِهِم بغضٌ، وعلَى عيونِهِم غشاوةٌ، هؤلاء تجمعُهُم العداوةُ لنَا وللأمَّةِ الإسلاميَّةِ، وتحديدًا السُّنَّةَ منهَا، فراحُوا يخطِّطُونَ ويتآمرُونَ، وظهرَ علَى السَّطحِ مَا باتَ يُعرفُ بـ(تسييسِ الحجِّ)، وهِي قضيَّةٌ تدورُ رحاهَا فِي كلِّ عامٍ، ويشعلُ فتيلَهَا، ويتطايرُ أوَّارهَا..!
*****
.. و(تسييسُ الحجِّ) قضيَّةٌ صنعتَهَا وتلاقتْ عندَهَا مشروعاتٌ وإيدلوجيَّاتٌ مختلفةٌ، وجعلُوا منهَا عصَا موسَى يهشُّونَ بهَا فِي كلِّ عامٍ، ونحنُ نعرفُ غاياتِهَا وأهدافَهَا، ومَن يقفَ خلفَهَا.
الهدف هو النيل من المملكة، وتشويه صورتها في عدم قدرتها على تنظيم الحج، وحفظ أمن الحجاج، وسعوا منذ مطلع الثمانينيات الميلادية في تحقيق ذلك بكل ما هدتهم إليه شياطينهم من محاولات العبث والفوضى، وافتعال الأحداث، وبكل ما نسجته خيالاتهم المريضة من تضليل وتهويل، ومغالطات، وقلب للحقائق، ولا أريد أن استعيد سرديات الكثير من الأحداث..!
*****
.. وهذَا العام استبقُوا الحجَّ بالدَّعواتِ المثيرةِ، وكانَ الهاجسُ أنْ يصلَ بشكلٍ أو بآخرَ تداعياتُ الصدَى إلى بعضِ أطرافِهَا، ثمَّ كانَ للأخونجِ دورُهُم في محاولةِ صُنعِ مَا هُو أكبرُ مِن مقطعِ المحامِي والممثِّلِ والرَّاقصِ (إسلام)، وكانَ رجالُ أمنِنَا البواسلُ بالمرصادِ..
*****
.. المملكةُ تتيحُ أداءَ المناسكِ لكلِّ مسلمٍ، بعيدًا عن الطَّائفيَّةِ والمذهبيَّةِ، شريطةَ أنْ يحترمَ هذهِ الشعيرةَ..
وكمَا قالَ وزيرُ الأوقافِ اليمنِي محمد شبيبة: «الحجُّ تقديسٌ لَا تَسييس.. الحجُّ أرفعُ مِن أنْ نسيسَهُ، أو نحزِّبَهُ، أو يكون فيهِ شعاراتٌ».
ومَن أرادَ غيرَ ذلكَ فأمنُ الحجَّاجِ وبلادِ الحرمَينِ خطٌّ أحمرُ لنْ نسمحَ المساسَ بهِ.