Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

منابر تلامس واقعنا المعاصر

شذرات

A A
هناك أركان متفق عليها لخطبة الجمعة، من تسبيح وذكر الله، ومن وعظ وإرشاد، ومن صلاة وسلام على رسول الله.. إلخ.

أنقل هنا بعض ما طرحه أحد الكتّاب من السودان الشقيق، واسمه عثمان المرغني، الذي عبّر عمّا بداخله مما يُواجهه كل أسبوع من حسرة عندما يهمُّ بدخول المسجد لصلاة الجمعة، ويستمع لخطيب يعتلي المنبر لكي يُعيد علينا دروس طلاب المرحلة الابتدائية في كل أسبوع، ويرى مصلين يظنون أن الحكمة من صلاة الجمعة هي (البحلقة) في الخطيب، إلى أن يصل إلى (ولذكر الله أكبر.. الخ)، فيقوموا بتثاؤب ليركعوا ركعتين، ثم يتزاحموا في باب الخروج، كل يريد أن يسبق الآخر في الخروج من المسجد.

الأستاذ المرغني يقول: نحن نظلم الإسلام بمثل هذه الطقوس التي تفرغ العبادةَ من حكمتها، وتُحوِّلها إلى مجرد عادات وتقاليد تؤدي بمنتهى العفوية إلى ما لا نريده. ويتساءل: لماذا لا يصعد المنبر مسؤول يُحدّثنا عن الأمانة والنزاهة والشفافية، ويحث المصلين على الحفاظ على الممتلكات العامة والانضباط بأوقات الدوام الرسمي واحترام الوقت؟.

ويضيف: لماذا لا يصعد طبيب يُحدّث الناس عن سبل الوقاية من الأمراض قبل وقوعها، والحفاظ على أخذ التطعيمات وفق ما هو مُقرَّر للأطفال أو للكبار. أو ضابط باللباس العسكري يُحدّث الناس عن التضحية من أجل الوطن، والدفاع عن الأرض والعِرض والشرف الوطني، ويقول للمصلين: إن العسكرية تبدأ من هنا.. من المسجد، وأن التربية العسكرية تُعلّم الناس الانضباط وترقية الإحساس بالآخرين.. إلخ.

ويقول: لماذا لا يُحدّثنا أحد العاملين في الصحة العامة عن أهمية نظافة شوارعنا، وأن نتعوّد على وضع القمامة في الأماكن المخصصة لها، لتجنب انتشار الذباب والأمراض والأوبئة.

وآخر يُحدِّث المصلين عن عدم رَكن العربات والسيارات في غير الأماكن المخصصة لها، ومنع البسط على قارعة الطريق والساحات العامة.

لماذا لا يصعد المنبر المعلم في المدرسة والأستاذ الجامعي، وما إلى ذلك حتى لا يكون هناك ما أسماه (بالتنبيط) للدين والتضييق لمفاهيمه.

لقد أعجبني الأخ المرغني عندما قال: الإسلام دين يرفع من شأن العمل مهما كان، ويعدّه عبادة، وإتقانه تقرُّباً الى الله، والجندي الشرطي الذي يسهر الليل كله، ويجول بسيارته حفاظاً على أمن الناس أفضل عند الله من عابد يصلي الليل حتى الفجر.

وآخر يخوض نفس مقاصد الأستاذ المرغني، ويتمنى على خطيب الجمعة أن يترك الدعاء النمطي المكرر، وعدّد بعض الأدعية التي يرغب في سماعها من أئمة المساجد، ومنها: اللهم حبّب إلينا الحوار والبُعد عن الصدام، وعلّمنا فن الإصغاء إلى الآخرين والصبر على المخالفين في الأفكار. اللهم علّمنا الأناقة في كل عمل وحسن الأداء والألفاظ الكريمة والتعامل الحسن مع كل عباد الله، وعدم أكل الديون، اللهم ارحمنا من نار التعصب، وألهمنا روح التسامح، اللهم علّمنا النظافة ودقة المواعيد واتقان العمل والذوق الرفيع في قيادة السيارات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store