* هذه (وصفة تفوّق) صادرة عن طالب اجتاز المرحلة الثانوية بتفوق لافت قبل أيام، أنقلها لكم كما جاءت على لسانه، وليس لي من الفضل فيها إلا في الأسلوب؛ وبعض التعديلات اللغوية البسيطة.. يقول:
* لا أزعم أنني طالب ذكي، ولكن العادات التي غرسها فيَّ والديَّ حفظهما الله؛ حسَّنت أدائي الدراسي كثيراً.. كل الطلاب يدرسون باجتهاد وأنا منهم، لكن ربما كان لعاداتي تلك دور مهم في تميُّزي، لأن كل سلوك نُمارسه لفترةٍ طويلة يُغير شيئًا في أدمغتنا، وهذا ما يُسمَّى باللدونة العقلية.. وأستطيع القول إن الـعادات الثلاث التالية ساعدتني على التفوق:
1- عدم الانغماس في التفاهة: فأنا لا أشاهد الإنترنت من يوتيوب ووسائل التواصل لأكثر من ساعة واحدة يومياً كحد أقصى، على عكس ٩٥٪ من زملائي، كما أنني لا أشاهد (تيك توك) و(نيتفليكس) إطلاقاً، لدرجة أني لا أفهم أحياناً حديث بعض الزملاء عن أفلام أو مسلسلات جديدة.. في البداية، كنت أشعر أنني غير متابع للموضة، لكنني أدركت فيما بعد أن معظم هذه المحتويات مجرد غثاء معيق للطموح، وأن مَن ينغمسون فيها يُغيِّرون نظرتهم للمنافسة وللحياة عموماً، فبعض أصدقائي الذين أدمنوها أصبحوا يؤمنون أنهم سيصبحون يوماً ما مشاهير، وسيكسبون المال بطريقةٍ سهلة؛ بعيداً عن مشاق الدراسة والعمل الجادّ.. أما أنا فقد أصبحت أشعر بالراحة لعدم انغماسي في مشاهدة هذه المحتويات، مما جعل حياتي أبسط، وليس في ذهني سوى ما أعتقد أنه مهم وضروري.. لقد أصبحت أرى العالم بأكبر قدر ممكن من الواقعية، وهذا يجعل عقليتي صحيحة وأهدافي واضحة.
2- الرياضة: لقد بدأت في ممارسة الرياضة بشكل منتظم منذ حوالى خمس سنوات.. بعد السنة الأولى؛ كدتُ أتوقف لأني لم أحصل على النتيجة التي تمنيتها، ولكن بتشجيع والدي واصلت، لأنني وجدتُ فوائدها في نشاطي وتفوقي الدراسي.. مدربنا في النادي كثيراً ما يقول لنا: «تقل القدرات المعرفية للبشر مع التقدم في العمر، لكن الرياضة تمنع ذلك.». ويقول أيضاً: «التمرين الرياضي يصنع خلايا دماغية جديدة، ويزيد من القدرة على التعلم والحفظ».. وقد تأكدت من ذلك بنفسي، فكلما مارست الرياضة، أصبح ذهني أكثر صفاءً، وبالتالي أكون أكثر سعادة وأكثر تركيزًا.. بالمناسبة، الرياضة لا تقتطع من وقتي أكثر من ٤٠ دقيقة إلى ساعة يومياً.. لكن مردودها عظيم جداً على (عضلة العقل)، التي تُمثِّل أكبر مورد للإنسان.
3- استمع أكثر مما تتكلم: كثيراً ما ينصحني والدي يحفظه الله بالقول: «خلق الله لنا أُذنان وفم واحد، لذلك يجب أن نسمع ضعف ما نتحدث».. ورغم أن أساتذتي يثنون على قدراتي في مهارات الإلقاء والقراءة والإقناع؛ إلا أنني أحاول بكل تركيزي أن أستمع أكثر مما أتحدث، وأعتبر هذا تحدياً، لأنني مدرك أننا عندما لا نتحدث، نستطيع التعلم أكثر، فالكلام الكثير يشوش على التركيز والفهم، ولو لاحظت الأشخاص الهادئين من حولك، لوجدت معظمهم يتمتعون بذكاء أعلى من المتوسط، و لو سألت أحدهم عن رأيه، لقدّم لك رأياً مفيداً.. الأمر لا يجب أن يصل حد أن تصبح انطوائيًا منغلقاً على نفسك، بل يتعلق فقط بتحويل التركيز من الكلام العبثي إلى الاستماع المثمر .
* ختاماً أقول: إن كونك تلميذاً متفوقاً لا يتعلق فقط بالدراسة والسهر؛ بل إن لعاداتك الحياتية الأخرى دورا مساندا ومهما في ذلك.. فعاداتك لها تأثير كبير على عقلك، وعقلك هو أحد أهم أدوات نجاحك في هذا العالم.. إنه هبة من الله، من الأفضل عدم إفسادها.