* إذا كان (الحج)، هو الركن الخامس، من أركان الإسلام؛ فإنَّه في المقابل يُعدُّ الركن المحكوم بإطار (زمني.. ومكاني) في الوقت ذاته.
* ولتجلية الصورة؛ فإنَّ الصوم -مثلًا- محكوم بالزمن، وذلك بدخول شهر رمضان المبارك وانتهائه، ومحكوم -أيضًا- ببدء وقت الفجر، وغروب شمس نهاره، وبالتَّالي؛ فإنَّ حُكم المكان -والحال هكذا- لا قيمة له في إقامة هذا الركن على امتداد الأرض شرقًا وغربًا؛ لأنَّ الزمن، والزمن وحده، هو المعوَّل عليه، دون النظر في أيِّ بقعة صام الصائم.
* في حين؛ فإنَّ (الحجَّ) لمن استطاع إليه سبيلًا؛ قد اجتمع في إقامة شعائره خصيصتين متلازمتين، لا انفكاك بينهما، هما: (الزمن) من جهة، و(المكان) من جهة ثانية.
* وبهذا يصبح (الحجُّ) باعتباره ركنًا من أركان الإسلام، حالة (استثنائية)= (زمانًا- ومكانًا)، وإنْ أخرجنا أحد البُعدين؛ فقد أخرجنا هذا الركن من حوزة فعل الركن الواجب، والمثوبة المرتجاة.
* وبذلك المنظور؛ فإنَّ احتواء جميع مقوِّمات (الحجِّ) يجعل منه ظاهرةً تعبديَّةً، تحتاج إلى إدارة واعية بامتياز؛ لأخذ تلك المعطيات في الحسبان والاعتبار، والفعل الواجب.
* صحيح؛ أنَّ السعوديَّة عبر تأريخها الطويل تعي تمامًا جميع تلك المعطيات بالمشروعات العملاقة، والترتيب المنضبط، والتهيئة والاستعداد المبكر، وقد أثبتت دومًا ضلوعها المتميِّز في إنجاح جميع مواسم الحجِّ عامًا بعد عامٍ.
* وصحيح؛ أنَّ السعوديَّة قد اضطلعت بمسؤوليتها الدينيَّة على الوجه الأكمل، والأجمل، والأقدر عامًا يتلوه عامٌ.
* وصحيح، أنَّ السعوديَّة بإدارتها الناجحة، هي بذاتها حالة استثنائيَّة بكلِّ المعايير والمقاييس.
* إنَّ إدارة أكثر من مليونين من عباد الله في زمن محدد، ومكان محدد، وفق إطارهما الثَّابتين دون إخلال بأحدهما، أو قصور في شقيهما؛ يخول العاقل والمنصف القول بأنَّ السعودية قد أثبتت للعالم أجمع تميُّزها النوعي في إدارة هذا الركن الإسلامي الأعظم، وحُقَّ لها المفاخرة بالنجاح المذهل الذي حققته، وتحققه كل عام؛ حال استصحاب جميع المعطيات التي تتماهى وواقع الحجِّ، وشعائره التعبديَّة؛ فضلًا عن إدارة تلك الحشود المتزامنة بكل الأبعاد الإسلاميَّة، والإنسانيَّة، والصحيَّة، والأمنيَّة.
* إنَّ العين (الباصرة)، لا تدعُ (فرصةً) للعليلة أنْ تعلو بعلَّتها، حينما لا ترى إلَّا غبش الرؤية، وضبابة الصورة، وهوى النَّفس، فلم نشاهد -بحمد الله- فتورًا في نفوس القائمين على حجِّ هذا العام (1445هـ)، ولا قصورًا في الهمم، ولا ضيقًا في العطاء، ولا دعةً تستوجب القول، ولا خمولًا يستحق الذِّكر؛ بل رأى العالم أجمع آياتٍ من عظمة النُّفوس، والهمم، والعطاء، والبذل، والقوَّة، وقد اجتمعت (جبلة) في كل ذلك وأكثر.
فاصلة:
وَمَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ
يَجدْ مُرًّا بِهِ المَاءَ الزُّلَالَا