لا يمكنُ لأيِّ عاقلٍ علَى وجهِ البسيطةِ، أنْ يُحمِّلَ إدارةَ أيِّ مطارٍ بالعالمِ، مسؤوليَّةَ وفاةِ مسافرٍ متسلِّلٍ، تعلَّق بعجلاتِ الطائرةِ قبلَ إقلاعِهَا؛ ممَّا أدَّى لسقوطِهِ، أوْ يحمِّلَ جهةَ البلديَّةِ، مسؤوليَّةَ وفاةِ سكَّانِ عمارةٍ انهارَ سقفُهَا، بعدَ تلاعبِ المالكِ باشتراطاتِ البنايةِ، أوْ يُحمِّلَ خفرَ السَّواحلِ، مسؤوليَّةَ غرقِ مركبِ مهاجرِينَ غيرِ شرعيِّينَ، تحايلُوا علَى منافذِ العبورِ المينائيَّةِ، لذلكَ كلِّهِ، لَا يمكنُ لأيِّ عاقلٍ علَى وجهِ البسيطةِ، أنْ يُحمِّلَ بلادَنَا المملكةَ العربيَّةَ السعوديَّةَ، مسؤوليَّةَ وفاةِ 1301 حاجٍّ، غالبيَّتهُم مِن مخالفِي التَّصاريحِ الرَّسميَّةِ!! كلُّ الأصواتِ الغوغائيَّةِ التِي تدَّعِي -عبرَ مواقعِ التَّواصلِ الاجتماعيِّ- تورُّطَ بلادِنَا السعوديَّة، بوفاةِ بعضِ مواطنِي بلادِهَا، خلالَ مناسكِ الحجِّ الأخيرةِ، هِي أصواتٌ شعبويَّةٌ متنفِّعةٌ، تُشبهُ -لحدٍّ كبيرٍ- هواتفِ العُملةِ، التِي يمكنُ لأيِّ منظَّمةٍ إرهابيَّةٍ أنْ تمرِّرَ عبرَهَا أجندتَهَا العدائيَّةَ، بعدَ أنْ تُلقمَهَا النُّقودَ المعدنيَّةَ!!
لَا يمكنُ لأيِّ عاقلٍ علَى وجهِ البسيطةِ، أنْ يُنكرَ فضلَ بلادِنَا السعوديَّةِ، فِي إدارةِ مناسكِ الحجِّ، وسطَ هذهِ الأجواءِ الملتهبةِ، التِي وصلتْ فيهَا درجةُ الحرارةِ لأكثرِ مِن 50 درجةً مئويَّةً، وبحضورِ 1.8 مليون حاجٍّ وحاجَّةٍ، وخلالَ أيَّامٍ معدودةٍ، وشعائرَ مُختلفةٍ ومُرهقةٍ، تتطلَّبُ سلكَ مسافاتٍ طويلةً ومكتظَّةً.
لقدْ جاءَ تصريحُ وزيرِ الصحَّةِ السعوديِّ فهد الجلاجل، امتدادًا لشفافيةِ القيادةِ، حينَ وضَّحَ «أنَّ عددَ الوفياتِ بينَ الحجَّاجِ هذَا العام بلغَ 1301، وأنَّ 83% منهُم مِن غيرِ المصرَّحِ لهُم بالحجِّ، إذْ سارُوا مسافاتٍ طويلةً تحتَ أشعَّةِ الشَّمسِ، بلَا مأوَى ولَا راحةَ، بينهُم عددٌ مِن كبارِ السِّنِّ، وعددٌ مُصابُونَ بأمراضٍ مزمنةٍ»، وهُو تصريحٌ جريءٌ يتَّسمُ بالأمانةِ والمصداقيَّةِ.
لذلكَ، لَا يستقيمُ بعدَ التحذيراتِ التِي أطلقتَهَا بلادُنَا عَن مخاطرِ الحجِّ دونَ تصاريحَ رسميَّةٍ، بعدَ مساهمتهَا بتقديمِ أكثرِ مِن 456 ألفَ خدمةٍ علاجيَّةٍ، كانَ نصيبُ غيرِ المصرَّحِ لهُم بالحجِّ منهَا 141 ألفَ خدمةٍ، بعدَ نجاحِهَا فِي تجنُّبِ تسجيلِ أوبئةٍ، أوْ أمراضٍ متفشِّيةٍ، بعدَ تمكُّنهَا مِن حصرِ البلاغاتِ المقدَّمةِ، والتواصلِ معَ ذوِي المُتوفِينَ، والتَّعرفِ عليهِم -رغمَ عدمِ حملِهم بطاقاتٍ تعريفيَّةً- بعدَ حرصِهَا علَى دفنِهِم وإكرامِهِم بمكَّة المكرَّمة، وإصدارِ شهاداتِ وفاةٍ لهُم، لا يستقيمُ أبدًا بعدَ هذَا كلِّه، أنْ تُتَّهمَ بلادُنَا بضلوعِهَا، أو تسبُّبِهَا فِي وفاةِ هؤلاءِ الحجَّاجِ، وإلَّا كانَ ذلكَ ضربًا مِن الغباءِ والجحودِ والهمجيَّةِ!!
وحدهَا، شركاتُ السياحةِ الخارجيَّةِ، التِي استغلَّتْ جهلَ وفقرَ عملائِهَا البسطاءِ، وأوهمتهُم بإمكانيَّةِ السَّفرِ للسعوديَّةِ، واتمامِ مناسكِ الحجِّ دونَ تصاريحَ رسميَّةٍ، وحدهَا الفتاوَى المُغرضةُ وغيرُ المسؤولةِ، التِي يطلقُهَا بعضُ المُتمشيخِينَ العرب بالقنواتِ الفضائيَّةِ، والتِي تبيحُ -عَن جهلٍ، وحنقٍ، وعدمِ درايةٍ- كسرَ خططَ الحجِّ التَّنظيميَّةِ، وحدهَا تلكَ الأصواتُ الغوغائيَّةُ التِي ظلَّتْ قبلَ الحجِّ وأثناءَهُ وبعدَهُ، تحرِّضُ مواطِنِي بلدانِهَا علَى مشروعيَّةِ أداءِ نُسكِ الحجِّ دونَ تصاريحَ نظاميَّةٍ، هؤلاء وحدهُم، الذِينَ يمكنُ لأيِّ عاقلٍ علَى وجهِ البسيطةِ، اتِّهامهُم والمطالبةُ بوضعِهِم خلفَ قضبانِ المحاكمةِ بوصفِهِم: «المتورِّطُونَ بوفاةِ الحجَّاجِ»!!