Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الصناعة السعودية في إدارة الحشود البشرية

A A
على مدارِ أكثرِ من ١٠٠ عامٍ، تمرُّ رحلاتُ الحجِّ في تطوراتٍ عديدةٍ، بدأت برواياتِ الأجدادِ بأنَّهم لا يستأمنُونَ فيهَا علَى أموالهِم وأحوالهِم طيلةَ فترةِ رحلةِ الحجِّ عبرَ القوافلِ، وخوفهم من بطشِ قطَّاعِ الطرقِ حتَّى قيَّضَ اللهُ لهذهِ البلادِ مؤسِّسهَا المغفورَ لهُ الملكَ عبدالعزيز -رحمه الله- حيثُ عمَّ الأمنُ، وسادت الطمأنينةُ بحزمهِ والضربِ بيدِ من حديدٍ ضدَّ كلِّ مَن تسوِّلُ لهُ نفسهُ تعكيرَ صفوَ قوافلِ الحجيجِ، وأكملَ أبناؤهُ الملوكُ البررةُ مِن بعدهِ خُطَى والدِهِم بالاهتمامِ بضيوفِ الرَّحمنِ، وتوفيرِ سُبلِ الراحةِ والطمأنينةِ وخدمتهم.

وفي ظلِّ هذهِ التطوُّراتِ ارتفعتْ أعدادُ المسلمِينَ فِي شتَّى أصقاعِ الأرضِ، وبالتَّالي ازديادُ أعدادِ الرَّاغبِين في أداءِ نُسكِ الحجِّ، ويتطلَّبُ ذلكَ في رفعِ الكفاءةِ ومواكبةِ ذلكَ بمراحلَ تطويريَّةٍ مختلفةٍ، ونشاهدُ التفوقَ عامًا بعدَ عامٍ، ونعيشُ الآنَ إدخالَ التقنيةِ لتساهمَ بالرقيِّ في خدمةِ ضيوفِ الرَّحمنِ، وترفعَ من كفاءةِ الكوادرِ البشريَّةِ الذين لهُم دورٌ مباشرٌ في خدمةِ ضيوفِ الرَّحمنِ، وخاصَّةً بشأنِ الجانبِ الصحيِّ وإدارةِ الحشودِ البشريَّةِ حتَّى باتت محلَّ إشادةِ دولِ العالمِ أجمع، والعقلاء من ذوِي الرُّشدِ.

ولمْ تسمح المملكةُ بأيِّ حالٍ من الأحوالِ التمادِي والتقصيرَ معَ أيٍّ مِن ضيوفِ الرَّحمنِ مهمَا اختلفت الأعراقُ والجنسيَّاتُ، ووضعتْ خلالَ الأعوامِ الماضيةِ ضوابطَ صارمةً بأنَّه لنْ يتمَّ السماحُ بأداءِ فريضةِ الحجِّ دونَ تصريحٍ لجميعِ الجنسيَّاتِ، بمَن فيهم مواطنُو المملكةِ، ووضعتْ عقوباتٍ صارمةً علَى كلِّ مخالفٍ.

وفي المقابلِ أولتْ اهتمامهَا العميقَ بحجَّاجِ بيتِ اللهِ الحرامِ الحاملِينَ للتَّصريحِ النظاميِّ، وخاصَّةً فيمَا يتعلَّق بوسائلِ النقلِ، ومقرِّ السَّكنِ، وأيضًا الجانبِ الطبيِّ الصحيِّ، وإدارةِ الحشودِ البشريَّةِ، ولنْ تسمحَ للحجَّاجِ المخالفِينَ وغيرِ الحاملِينَ لتصريحِ الحجِّ بالتسلُّقِ والتعدِّي على حقوقِ النظاميِّينَ.

وبرعت السعوديةُ هذَا العام كمَا الأعوامِ السابقةِ في تنفيذِ إستراتيجيَّاتِها بسواعدِ أبنائِهَا في تقديمِ أرقَى الخدماتِ لضيوفِ الرَّحمنِ، كمَا صنعت الأمجادَ أمامَ العالمِ أجمع، ورغمَ ذلكَ ظهرَ لنَا عددٌ من الحجَّاجِ المخالفِينَ للأنظمةِ بأداءِ الحجِّ وهذَا يعنِي عدمَ حملِهم بطائقَ نُسكِ التِي استحدثتهَا السعوديَّةُ هذَا العام للتعرُّفِ عليهِم وبياناتِهم وعدمِ شمولِهم للخدماتِ المقدَّمةِ لضيوفِ الرَّحمنِ من وسائلِ نقلٍ ومقارِّ سكنٍ كونهم مجهولِين، وأصرَّ المخالفُون علَى أداءِ فريضةِ الحجِّ، وبالتَّالي يعنِي ذلكَ أداءَهُم للنُّسكِ سيرًا علَى الأقدامِ فِي ظلِّ ارتفاعِ درجاتِ الحرارةِ التِي شهدتهَا العاصمةُ المقدَّسةُ، وأدَّى إلى وقوعِ حالاتِ وفاةٍ بينهم، رحمَهم اللهُ تعالَى، وإصابةِ البعضِ منهم، وتكفَّلت المملكةُ بعلاجِهم ويحظُونَ باهتمامٍ بالغٍ ومتابعةٍ صحيَّةٍ مستمرةٍ.

واستدلالًا علَى مَا دوَّنتهُ أعلاهُ أفصحَ وزيرُ الصحَّة بأنَّ عددَ الوفياتِ بلغَ ١٣٠١ شخصٍ رحمَهم اللهُ جميعًا، جُلُّهم من غيرِ الحاملينِ لتصريحِ الحجِّ بنسبةِ ٨٣٪؛ كونهُم لمْ يلتزمُوا بالتوعيةِ، وقطعُوا مسافاتٍ بلَا مأوى، وبعضُهم من كبارِ السِّنِّ والمصابِينَ بأمراضٍ مزمنةٍ وقد تعرَّضوا للإجهادِ الحراريِّ بلَا راحةٍ أو مأوَى.

حاتم سعد العميري

Hatem1403@

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة