Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

لنا الحجُّ وعليهم الدَّجُّ..!!

بضاعة مُزجاة

A A
قبلَ سنتَينِ كتبْتُ مقالًا أُشِيدُ فيهِ بمستوصفٍ حكوميٍّ فِي مكَّة المكرَّمة، قدْ راجعتهُ مُعتمِرَةٌ مصريَّةٌ فِي موسمِ العُمرةِ، وليسَ فِي موسمِ الحجِّ، وكانتْ المُعتمِرةُ تشكُو مِن أمراضٍ مُزمِنةٍ، ورغمَ عدمِ وجودِ تسجيلٍ لهَا فِي المستوصفِ إلَّا أنَّه خدمَهَا ووفَّرَ لهَا أدويةً بالمجَّانِ تكفِي لمُدَّةِ إقامتِهَا لدينَا، لكنَّ المُعتمِرةَ طلبتْ زيادةَ الأدويةِ فزادَهَا المُستوصفُ بمَا يكفيهَا لمُدَّةٍ أطولَ حتَّى بعدَ عودتِهَا لبلدِهَا، معَ أنَّه كانَ غيرَ مُلزمٍ علَى قبولِهَا لديهِ فِي الأصلِ، فضلًا عن الكشفِ عليهَا وإجراءِ التحاليلِ وصرفِ الأدويةِ.

وهذَا هُو توجيهُ وديدنُ دولتِنَا التِي لَا تُريدُ مِن عبادِ اللهِ الوافدِينَ جزاءً وَلَا شُكُورًا، وتُريدهُ مِن اللهِ وحده للقيادةِ الرشيدةِ وكوادرِ منظومةِ الصحَّةِ المُجتهدةِ فِي توفيرِ الرعايةِ لكلِّ وافدٍ يطأُ بقدميهِ أرضَ الحرمَينِ الشَّريفَينِ، معَ غيرهَا مِن الجهاتِ المعنيَّةِ بالحجِّ.

وإنْ كانَ هذَا قدْ حصلَ فِي موسمِ عُمْرةٍ، فمَا أدراكُم بموسمِ الحجِّ الذِي تفوقُ خدماتُهُ الصحيَّةُ المُقدَّمةُ للحجيجِ أضعافَ مَا تُقدَّمُ مِن خدماتٍ فِي غيرهِ، ويكفينَا فخرًا النجاحُ المُبْهِرُ فِي الإجراءاتِ الخاصَّةِ بالوقايةِ مِن الأوبئةِ المُتفشِّيةِ، فِي وقتٍ تتفشَّى فيهِ الأوبئةُ فِي الخارجِ عندَ تجمُّع مئاتٍ مِن البشرِ فِي درجاتِ حرارةٍ أبردَ وأماكنَ أوسعَ، وليسَ بالملايِين وفِي أجواءٍ حارَّةٍ ومساحاتٍ محدودةٍ، كمَا هُو فِي الحجِّ!.

ويا تُرَى هلْ يعلمُ المُنكِرُونَ لخدماتِ الحجِّ الصحيَّةِ عددَ الخدماتِ التِي قدَّمتهَا المملكةُ للحجيجِ هذَا العام، والتِي يمكنُ تسجيلهَا في موسوعةِ جينيس للأرقامِ القياسيَّةِ، مقارنةً بفترةِ الحجِّ؟ هلْ يعلمُونَ؟! حسنًا، إنَّها ٤٦٥ ألفَ خدمةٍ علاجيَّةٍ تخصُّصيَّةٍ، وقدْ غَرَفَ منهَا حتَّى الذِينَ حجُّوا بدونِ تصريحٍ مَا مقدارُه ١٤١ ألفَ خدمةٍ، ولوْ أحصينَاهَا ابتداءً مِن يومِ الترويةِ (٨ ذي الحجَّة) إلى يوم التَّأخير (١٣ ذي الحجَّة) فِي المشاعرِ، فإنَّ هذَا يعنِي تقديمَ وإنجازَ ٥٤ خدمةً صحيَّةً مجَّانيَّةً ومختلفةً وغاليةً فِي كلِّ دقيقةٍ لحاجٍّ مختلفٍ، فمَن يفعلُ ذلكَ مِن الدولِ الأُخْرَى؟.

هذهِ ليستْ مِنَّةً، بلْ عملٌ مخلصٌ ودؤوبٌ تُؤدِّيهُ دولتنَا كلَّ عامٍ بلَا بروباغاندَا إعلاميَّة، وهِي مستمرَّةٌ فِي ذلكَ ليومِ الدِّينِ بحولِ اللهِ، اسمعُوا وعُوا أيُّها العالمُ.

وتشملُ الخدماتُ الصحيَّةُ المجَّانيَّةُ حتَّى عمليَّاتِ القلبِ المفتوحِ التِي لَا تقلُّ تكلفةُ الواحدةِ منهَا عَن ١٠٠ ألفِ ريالٍ، والقسطرةِ، وغسيلِ الكلى، وعملياتِ نقلٍ إسعافيٍّ بالطائراتِ المروحيَّةِ، ومعظم الحُجَّاجِ يتلقُّون رعايةً صحيَّةً قبلَ وبعدَ موسمِ الحجِّ، الأمرُ الذِي يُضاعفُ عددَ الخدماتِ الصحيَّةِ لمَا لا يعلمُهُ إلَّا اللهُ.

ومِن العارِ إلقاءُ البعضِ اللومَ علَى المملكةِ بَمَا تسبَّبتْ فيهِ شركاتُ سياحةٍ عربيَّةٍ احتالتْ علَى مواطنِيهَا ونظَّمتْ لهُم حملاتِ حجٍّ وهميَّةٍ بلَا تصريحٍ يكفلُ لهُم المأوَى المُريحَ والتنقَّلَ السليمَ، ويُفترضُ أنْ تكونَ الشركاتُ مُراقَبةً مِن دولِهَا، ولولَا لُطفُ اللهِ ثمَّ جهودُ دولتِنَا لمعالجةِ وإنقاذِ الحجَّاجِ لتضاعفتْ أعدادُ الموتَى -يرحمهُم اللهُ-.

الحجُّ شاهدٌ لنَا، بينمَا هُو شاهدٌ علَى هذَا البعضِ الحاقدِ وشهيد، وليسَ لهُ سِوَى الدَّجِّ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store