Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كلمة حق

A A
أوَّلًا- يقولُ المولَى -عزَّ وجلَّ- في كتابِهِ الكريمِ: "وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا"..

بدايةً.. فقدْ ربطَ الحقُّ أداءَ ركنِ الحجِّ بالاستطاعةِ.. أي أنَّ الاستطاعةَ هنَا تُعدُّ شرطًا أساسًا لأداءِ الفريضةِ.. وانتفاءُ الاستطاعةِ يُسقطُ عَن المسلمِ هذَا التكليفِ.. والمقصودُ بالاستطاعةِ هنَا: الاستطاعةُ الماديَّةُ، والاستطاعةُ الصحيَّةُ، والجسديَّةُ، والقدرةُ علَى أداءِ الشعائرِ، والتكليفاتِ المتعدِّدةِ، والتنقلاتِ والتحركاتِ والقدرةِ أيضًا على احتمالِ التقلباتِ الجويَّة والمناخيَّةِ.. فالحجُّ ليسَ مِن قبيلِ النزهةِ، بلْ إنَّ فِي الحجِّ مشقَّةً.. والأجرُ من المولَى -عزَّ وجلَّ- دائمًا على قدرِهَا.

ثانيًا- تقومُ كلُّ دولِ العالمِ بوضعِ التشريعاتِ وسنِّ القوانِين والأنظمةِ التِي تحكمُ وتنظِّمُ قدومَ الوافدِينَ والزائرِينَ والسائحِينَ إليهَا، وراغبِي دخولِ أراضيهَا بمَا يتماشَى معَ ظروفِهَا وأحوالِهَا، وما يحيـطُ بهَا من أحداثٍ.. وبمَا يكفلُ أمنَ البلادِ وسلامةِ أراضيهَا ومواطنيهَا.. وأيضًا أمنَ وسلامةَ الزَّائرِ الوافدِ نفسِه.. وضمانَ كافَّةِ حقوقهُ.. ويتعيَّنُ على الكافَّةِ احترامهَا جيدًا، والالتزامِ بمقتضياتِها بكلِّ دقَّةٍ.. حتَّى لَا يتعـرَّضَ المخالـفُ للوقوعِ تحتَ طائلةِ العقوباتِ المترتبةِ علَى مخالفةِ تلكِ الأنظمةِ والقوانِين النظاميَّةِ.

والمملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ شأنهَا فِي ذلكَ شأنُ بقيَّةِ دولِ العالمِ الأُخْرى.. بلْ تزدادُ مسؤوليتهَا وهِي تستشعرُ جسامةَ هذهِ المسؤوليَّةِ جيدًا؛ نظرًا للتزايدِ الكبيرِ والمطَّردِ في أعدادِ ضيوفِهَا والوافدِينَ إليها من جميعِ أنحاءِ العالمِ علَى مدارِ العام.. كونهَا قبلةَ الإسلامِ والمسلمِينَ، وحاضنةَ الحرمَينِ الشَّريفَينِ والمدينتَينِ المقدَّستَينِ.. وتستقبلُ الملايينَ مِن المسلمِينَ علَى مدارِ العامِ لأداءِ شعيرةِ العُمرةِ وزيارةِ مسجدِ رسولِ اللهِ -صلواتُ ربِّي وسلامُه عليهِ-.

وللحقِّ والحقيقةِ أقولُ وأنَا أحدُ شهودِ العَيانِ.. وعلَى مدَى ستةٍ وثلاثِينَ عامًا وستةٍ وثلاثِينَ موسمًا للحجِّ.. وبحكمِ موقعِي ووظيفتِي أنَّ المملكةَ لم تدَّخرْ وسعًا ولا جهـدًا.. ولم تبخلْ ببذلِ الغالِي والنَّفـيسِ والمالِ السخيِّ، من أجلِ راحةِ وأمنِ وأمانِ وسلامةِ وخدمةِ ضيوفهَا من وفـودِ الرَّحمنِ وتنفيذهـَا مِن المشروعاتِ العملاقةِ مَا يكفلُ لهُم أداءَ مناسكِهم بكلِّ يُسرٍ وسهولةٍ منذُ أنْ تطأَ أقدامُهم أرضَهَا وحتَّى مغادرتِهم إلى بلادِهم وهُم يحملُون فِي نفوسِهم أغلَى وأجملَ الذكرياتِ.. وألسنتُهم تلهجُ بالشُّكرِ والامتنانِ والعرفانِ لمَا شملتهُم بهِ المملكةُ مِن رعايةٍ واهتمامٍ، ومَا قدَّمته لهُم من خدماتٍ جليلةٍ في شتَّى المجالاتِ، وما أحاطتهُم بهِ مِن كرمِ ضيافةٍ وحبٍ واعتزازٍ، استشعارًا منهَا لدورهَا ومسؤوليتهَا الجسيمةِ.. والتِي اختصَّهَا بهِ اللهُ وقادتُهَا وحكومتهَا الرشيدةُ وشعبهَا الأبيُّ الوفيُّ الكريمُ المضيـافُ دونَ غيرِهم من سائرِ البلدانِ والشعوبِ الأُخْرى.

ثالثًا- المملكةُ تعرفُ جيدًا دورهَا وتضطلعُ بمسؤولياتهَا وفقًا لخططٍ علميةٍ مدروسةٍ ومحسوبةٍ بكلِّ دقةٍ على أيدِي خبراءَ وعلماءَ وكفاءاتٍ علميَّةٍ وإداريَّةٍ مستعينةٍ أيضًا برصيدِهَا التراكميَّ العمليِّ الثريِّ، والذي اكتسبتهُ عبرَ عقود طويلة من الزمن.. وكل ذلك مؤسس على برنامجٍ ثابتٍ ومتعارفٍ عليهِ بينهَا وبين الدولِ الإسلاميَّةِ وغيرهَا يُعنى بتخصيصِ نسبٍ معينةٍ ومحددةٍ لأعـدادِ حجَّاج كلِّ دولةٍ.. وبناءً عليهَا تحشدُ الطاقاتُ والخبراتُ البشريَّةُ والكوادرُ الفنيَّةُ المؤهلةُ والهائلةُ في كلِّ التخصـصاتِ.. وترصد كذلكَ الإمكانات الماديَّة السخيَّة التِي تكفلُ تنفيذَ هذهِ الخططِ التي تأتِي دائمًا مواكبةً للأعـدادِ المتفقِ عليهَا ومتوائمةً معَ هـذهِ النسبِ لضمانِ وأمانِ وسلامةِ أمنِ ضيوفهَا والتيسيرِ عليهمِ، وتقديمِ كلِّ سبلِ الراحةِ لهُم..

أمَّا مَا شاهدنَاهُ ومَا عايشناهُ في هذَا الموسمِ من أحداثٍ مؤسفةٍ وغيرِ مألوفةٍ أو معتادةٍ بتجاوزِ عددٍ من بعضِ هذهِ الدولِ.. وتحايلِ البعضِ مِن مواطنيهَا مِن الزائرِينَ والمعتمرِينَ والسائحِينَ علي الغرضِ الذِي من أجلهِ منحتهُم المملكةُ تأشيراتِ الدخولِ إلى أراضيهَا وتحويلهَا إلى الحجِّ، فهذَا مَا لا يصحُّ ولا يجوزُ قبولهُ ولا يجوزُ أيضًا الاعتدادُ بهِ.. فهُم بذلكَ قدْ خالفُوا بشكلٍ صارخٍ وصريحٍ الأنظمةَ، واخترقُوا القوانينَ، وأصبحُوا في عـدادِ المخالفِينَ.. كمَا أصبحَ حجُّهم أيضًا مشكوكًا في صحتهِ وتثورُ حولهُ العديدُ من علاماتِ الاستفهامِ.. فلا تحايلَ في الحجِّ، ولا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ فيه..

وتأسيسًا على ما تقدَّم فإنَّه لا يحقُّ لأحدٍ ما أنْ يلقِي باللائمةِ علَى المملكةِ واتهامهَا بالتقصيرِ أو بأنَّها تقاعستْ عن توفيرِ الخدماتِ لهؤلاءِ المخالفِينَ، فهُم في الأساسِ غيرُ مدرجِينَ ضمنَ خططِ المملكةِ للحجِّ الصحيحِ.. وهم أيضًا الذِين اختارُوا بكاملِ إرادتِهم الخروجَ مِن تحتِ مظلةِ اهتمامِ ورعايةِ وخدماتِ حكومةِ المملكةِ لوفودِ الحجيجِ النظاميِّينَ.

لومُوا أنفسَكُم واختياراتِكُم.. حاسبُوا مَن أوهموكُم بخلافِ الحقيقةِ والواقعِ.. حاسبُوا مَن ضلَّلوكُم وخدعوكُم ونهبُوا أموالَكُم وهُم يعرفُونَ يقينًا أنَّ المملكةَ أكَّدتْ دومًا وعبرَ كلِّ وسائلِ الإعلامِ وكافَّةِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ وحتَّى الرسائلِ الهاتفيَّةِ أنَّه: لَا حجَّ إلَّا بتصريحٍ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة