Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

مناظرة الانتخابات الأمريكية

A A
إنَّ متابعةَ مَا يجرِي فِي أمريكَا مِن صراعاتِ السِّباقِ علَى الفوزِ فِي الانتخاباتِ المقبلةِ أمرٌ محتومٌ، وقد يراهُ البعضُ شبيهًا بأسطورةٍ عبثيَّةٍ أبطالُهًا قاصرُونَ، وضحاياهَا لَا حولَ لهُم ولَا قوَّةَ؛ لأنَّ الخياراتِ محسومةٌ ومحدودةٌ، وهي محلُّ اهتمامٍ فِي كلِّ الدوائرِ السياسيَّةِ فِي العالمِ.

وكلُّ وسائلِ الإعلامِ فِي كلِّ مكانٍ كانتْ تترقَّبُ مناظرةَ الرئيسَينِ بايدن «الرئيسِ الحاليِّ»، وترامب «الرئيسِ السَّابقِ، في مناظرةِ سباقِ الرئاسةِ لفترةٍ ثانيةٍ فِي مقعدِ السلطةِ فِي واشنطن في نهايةِ العامِ الجارِي.

والنتيجةُ -حسب تحليلِ المراقبِينَ- كانتْ مخيِّبةً لآمالِ الشعبِ الأمريكيِّ، وستلحقُ عواقبهَا العالمَ خاصَّةً وأنَّ الولاياتِ المتحدةَ الأمريكيَّةَ هِي مَن صنعَ ترتيباتِ النظامِ الدوليِّ بعدَ الحربِ العالميَّةِ الثانيةِ قبلَ منتصفِ القرنِ الماضِي.. وعجزتْ بكلِّ مَا تملكُ مِن مقوِّماتٍ ومؤسَّساتٍ وثراءٍ وقِوى صلبةٍ وناعمةٍ عَن إبرازِ مرشَّحين بالمستوَى اللائقِ بهَا، وبدورِهَا فِي العالمِ لمواجهةِ التحدِّياتِ التِي تحيطُ بالعالمِ فِي هذهِ المرحلةِ الحرجةِ، والحفاظِ علَى توازنِ القِوى والسِّلمِ العالميِّ الدَّور الذِي سيطرتُ أمريكَا عليهِ منذُ أنْ وضعتِ الحربُ العالميَّةُ أوزارَهَا، وتشكَّلتْ منظومةُ الأُممِ المتَّحدةِ، ومجلسِ الأمنِ وغيرهمَا مِن متطلَّباتِ حوكمةِ العالمِ.

الوقتُ ليسَ في صالحِ أيٍّ مِن الحزبَينِ لتقديمِ مرشَّحين جدد، وكمَا يبدُو من نتائجِ المناظرةِ الأخيرةِ أنَّ ترامب سيكونُ الرئيسَ القادمَ.. والتوقُّعاتُ أنَّه إذَا حصلَ ذلكَ فستدخلُ أمريكَا والعالمُ في أزماتٍ ومزيدٍ مِن الصراعاتِ الدوليَّةِ والإقليميَّةِ علَى كلِّ المستوياتِ الجيوسياسيَّة والاقتصاديَّة، وهذَا لا يعنِي أنَّ بايدن وحزبَهُ أفضلُ مِن ترامب وشعبيَّتِهِ الفوضويَّةِ.

وكمَا قالَ الكاتبُ الصهيونيُّ (توماس فريدمان) صديقُ بايدن بعدَ المناظرةِ (كأنَّ أمريكَا تمضِي إلى قدرِهَا المحتومِ فِي التَّراجعِ، وهِي تختارُ بينَ عجوزٍ خرفٍ، وبينَ مهرِّجٍ مُدانٍ أخلاقيًّا)!

وخلاصةُ القولِ إنَّ التحالفاتِ فِي العلاقاتِ الدوليَّةِ أصبحتْ فِي مرحلةٍ حرجةٍ تتطلَّبُ المراجعةَ ومتابعةَ التغيُّراتِ السريعةِ فِي توازنِ القوَى العالميَّةِ ترقُّبًا لمَا سيحدثُ فِي الانتخاباتِ المقبلةِ، ومستقبلِ الصراعِ علَى فلسطينَ، ووحشيَّةِ إسرائيلَ ضدَّ الشَّعبِ الفلسطينيِّ، وانكشافِ علاقةِ أمريكَا بكلِّ مَا ترتكبُهُ إسرائيلُ مِن جرائمَ ضدَّ شعبِ غزَّة بسلاحٍ ودعمٍ لوجستيٍّ أمريكيٍّ، ستتحمَّلُ الإدارةُ المرتبكةُ مسؤوليَّةَ السَّماحِ بدعمِهَا، كمَا أنَّ صمتَ الرؤساءِ السَّابقِينَ (كلنتون، وبوش الابن، وأوباما)، يضعُ علاماتِ استفهامٍ كبيرةً عَن مسائلتِهِم الأخلاقيَّةِ لمَا تقومُ بهِ إسرائيلُ فِي غزَّة..!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store