* لا أظنني بحاجة لوضع أي إحصائيات للدلالة على الارتفاع المتعاظم لنسب الطلاق في مجتمعاتنا العربية فالأمر واضح للجميع، ولا أظنني بحاجة أيضاً للدخول في سرد الأسباب التقليدية المؤدية لهذه النسب المفزعة، فقد أُشبِعت طرحاً وتحليلاً.. حديثي اليوم سيكون عن أربعة أسباب لم يتم تسليط الضوء عليها كثيراً؛ وربما تكون غير معروفة للكثيرين؛ رغم أنها تساهم بشكل كبير ومباشر في ازدياد هذه الظاهرة، وإفشال العلاقات الزوجية:
١- المبالغة في التضحية بالاحتياجات الشخصية:
عندما يضحي الشريك باحتياجاته الفردية الأساسية، غالباً ما يميل إلى أن يكون أكثر تحسساً، وممتلئاً بالطاقة السلبية أكثر من الطرف الآخر، وتشير بعض الدراسات إلى أن إعطاء الأولوية للزواج على حساب الاحتياجات الشخصية، يمكن أن يؤدي مع الوقت إلى ما يسمى بالقبول السلبي، والشعور بالغُبن والخسارة والإحباط في بعض الأحيان، ثم البحث عن الانفصال.. هذا لا يعني أننا نشجع على عدم تقديم تضحيات وتنازلات من الطرفين، فالحياة الزوجية الهانئة وقودها التضحيات الطوعية من الطرفين، لكن المبالغة في هذا الأمر على حساب الذات؛ يمكن أن تكون محبطة، مما قد يؤدي بمرور الوقت إلى انخفاض رضا المانح.
٢- تضخّم حالة عدم اليقين:
(عدم اليقين) حالة من الشك والقلق وعدم الاستقرار النفسي؛ تنجم في الغالب عن الضبابية وعدم الثقة في جزئيات معينة من العلاقة، قد تدفع الشريك إلى مراحل أكثر توتراً وخطورة.. وتكمن أسباب هذه الحالة في تردد بعض الأزواج عن توضيح وتفنيد بعض الملابسات والتفاصيل الصغيرة، التي قد تبدو غير مهمة في وقت ما.. وأخطر ما في حالة (عدم اليقين)، أنها قابلة للتضخم بسرعة، والتسبب بالتالي في نوع من فتور العلاقة، وتزايد في حجم القلق وعدم الارتياح، الذي يؤدي بدوره إلى فشل في التواصل، وشعور بالغضب والسلوك السلبي.
٣- عدم احترام حدود العلاقة:
يحدث «سوء إدارة الحدود» عندما يعطي أحد الزوجين أو كلاهما الأولوية لهويتهم الشخصية على حساب تعزيز العلاقة وانسجامها، لذلك من المهم جداً التنبه إلى وضع الحدود في العلاقة الزوجية، يقول المتخصصون: إن عدم احترام هذه «الحدود» يمكن أن يؤدي إلى مشاجرات لا حد لها بين الطرفين.
٤- عدم تفهم عوامل الإجهاد الخارجي:
للضغوط والأحداث الخارجية تأثير لا يصدق على الوفاق الزوجي، ففقدان أحد الطرفين لأحد الأحباب مثلاً، أو التعرض لمشاكل صحية أو مالية؛ قد تنتج عنه تأثيرات مباشرة على الصحة النفسية والعقلية للطرف المتأثر، وعلى قدرته في التواصل بشكل فعال في المؤسسة الزوجية، مما يحتّم على الطرف الآخر تفهم الظرف واحترامه، والمساعدة على تجاوزه، لذلك من المهم إنشاء مساحة حوار آمنة هدفها تجاوز المشكلات الصعبة.. لأن عدم تفهم الطرف الآخر قد يُفسَّر من البعض على أنه نوع من التخلي أو عدم التقدير أو حتى الخيانة، مما قد يؤدي إلى شروخ كبيرة في العلاقة الزوجية.
* الحياة الزوجية ليست دائماً مليئة باللحظات السعيدة، فالظروف الحياتية قد تضع الشريكين في مواقف متضاربة أحياناً، وأياً كان السبب، يبقى ارتفاع الوعي الشخصي للزوجين؛ والرغبة المشتركة والصادقة لاستمرار الشراكة؛ هي العامل الأول والأهم في الحفاظ على جسور العلاقة ممتدة، وتقليص تأثير تلك الظروف والأسباب.