لأوَّلِ مرَّةٍ فِي تاريخِ المملكةِ، يتمُّ إنتاجُ خلايَا تائيةٍ (CAR-T) فِي مستشفَى الملكِ فيصل التخصصيِّ، وهِي خلايَا تُستخدمُ فِي علاجِ مرضَى السَّرطانِ، وقدْ شرحتُ -فِي مقالٍ سابقٍ- هذَا النوعَ مِن المعالجةِ الخلويَّةِ، تحتَ عنوان: (العلاجُ المناعيُّ للسَّرطانِ والخلايَا التَّائيَّةُ)، حيثُ إنَّ العلاجَ بالخلايَا التَّائيَّةِ يُعدُّ مِن أحدثِ التَّطوراتِ فِي مجالِ علاجِ السَّرطانِ، وفكرتُهُ تعتمدُ علَى تعديلِ خلايَا المريضِ المناعيَّةِ؛ لتقومَ بملاحقةِ الخلايَا السرطانيَّةِ، ومحاربتِهَا، والقضاءِ عليهَا، مِن خلالِ التعرُّفِ عليهَا، ومِن ثمَّ ملاحقتُهَا وتدميرُهَا، وهِي خلايَا تُستخرَجُ مِن دمِ المريضِ، ثمَّ يتمُّ تعديلُهَا وراثيًّا فِي معاملَ متخصِّصةٍ في زراعةِ الخلايَا المناعيَّةِ، ومِن ثمَّ يُعادُ حقنُهَا فِي جسمِ المريضِ مِن جديدٍ؛ لتقومَ بدورِهَا فِي مهاجمةِ الخلايَا السرطانيَّةِ.
هذَا النَّوعُ مِن العلاجِ الخلويِّ الجينيِّ، إلى عهدٍ قريبٍ كانَ ضربًا مِن الخيالِ؛ لأنَّ التعاملَ معَ الجيناتِ ونقلهَا واستزراعِهَا ليسَ مِن الأمورِ البسيطةِ، لكنَّ اللهَ فتحَ علَى الإنسانِ تقنياتٍ بيولوجيَّةً حديثةً فِي التعاملِ معَ الجيناتِ، فحقَّقَ نجاحًا في ذلكَ، وقدْ بدأَ هذَا النوعُ مِن العلاجِ التَّائِي مِن سنواتٍ، لكنَّ تحقيقَهُ التقنيَّ فِي السعوديَّةِ لمْ يكنْ متوفِّرًا فِي المستشفياتِ كتقنيةٍ تتمُّ داخليًّا، حتَّى أعلنَ مستشفَى الملكِ فيصل التخصصيُّ فِي الرياضِ ذلكَ قبلَ شهرٍ مِن الآنَ تقريبًا، وقبلَ سنواتٍ تحدَّثتُ معَ الدكتورِ باسم بيروتي عنهُ؛ لأنَّه معنيٌّ بهذَا التخصصِ، ومهتمٌّ بهِ منذُ سنواتٍ، عندمَا كانَ مُعارًا مِن جامعةِ الملكِ عبدالعزيز لمستشفَى الملكِ فيصل التخصصيِّ فِي الرياضِ.
إن مثل هذه التقنية مكلفة جدا خارج المملكة، تصل إلى أكثر من مليون وثلاثمئة ألف ريال، بينما هي اليوم لا تزيد عن 250 ألف ريال، وفي الوقت نفسه، فإن الحصول عليها من الخارج لا يتم في أقل من شهر، عبر الشحن والمراسلة والمتابعة، بينما في المستشفى التخصصي تتوفر في مدة لا تزيد عن 14 يوما، كما أعلن المستشفى عن ذلك.
المستشفياتُ الجامعيَّةُ اليومَ -خاصَّةً جامعتَي الملكِ عبدالعزيز، والملكِ سعود- بهَا عددٌ كبيرٌ من السعوديِّينَ المتخصِّصِينَ فِي علاجِ أمراضِ الدَّمِ السَّرطانيَّةِ الذِي يتبعهُ هذَا النوعُ مِن العلاجِ، وليسَ مِن الصعوبةِ بمكانٍ، أنْ يجيدَ بعضٌ منهُم هذهِ التقنيةَ البيولوجيَّةَ الجينيَّةَ الخاصَّةَ بإعادةِ صيغةِ الحقيبةِ الوراثيَّةِ لبعضِ الخلايَا المناعيَّةِ، وإنتاجِ الخلايَا التائيَّةِ المعالجةِ للسَّرطانِ، أوْ مَا قدْ يستجدُّ مِن معالجاتٍ مِن أنواعٍ أُخْرَى مِن الخلايَا المناعيَّةِ؛ لأنَّ الاستفادةَ مِن الخلايَا المناعيَّةِ فِي العلاجِ لَا يزالُ مُنجَّمًا لمْ يُكتشف الباحثُونَ مَا بداخلِهِ، وفِي الوقتِ نفسهِ قدْ يكونُ من المناسبِ الاهتمامُ بإعدادِ شبابٍ سعوديٍّ مِن خرِّيجِي أقسامِ البيولوجيَا أو الوراثةِ للتَّدريبِ علَى زراعةِ الخلايَا، والتعاملِ الجينيِّ، والاستزراعِ الخلويِّ؛ لأنَّ هذَا النوعَ مِن البحوثِ هُو المستقبلُ العلاجيُّ للعديدِ مِن الأمراضِ، ولعلَّ مِن المناسبِ الاقتراحَ علَى المستشفَى التخصُّصيَّ إقامة دوراتٍ فِي تقنيةِ التعديلِ الوراثيِّ للخلايَا المناعيَّةِ، فيُشكرُ المستشفَى التخصُّصيُّ علَى جهودِهِ الطبيَّةِ العالميَّةِ التِي تهيئُ الجديدَ مِن العلاجِ، وتجعلُ المملكةَ فِي مصافِّ الدولِ العالميَّةِ المتقدِّمةِ طبيًّا.