Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لطائف الفوارق بين درجات الإيمان والعقل

A A
الإحساسُ الرَّاقِي والإدراكُ الرفيعُ مناطهُ الفؤادُ. وكثيرًا مَا يجمعُ اللهُ الحواسَّ فِي الآياتِ القرانيَّةِ السمعَ والبصرَ معَ الفؤادِ؛ ممَّا يعنِي أنَّ الفؤادَ أرقَى من القلبِ، وإنْ كانَ الفؤادُ والقلبُ اسمين لعضوٍ واحدٍ.. يقولُ الباحثُ عبدالله أحمد المختصُّ في الهندسةِ المدنيَّةِ في كتابِهِ (أسرار خلقِ الإنسانِ بينَ الروحِ والجسدِ).. أثبتَ اللهُ فِي كتابهِ العقلَ للبهائمِ، بينمَا لمْ يردْ الفؤادَ بذلكَ لهَا، انتهَى...، بلْ ونلاحظُ تزامنَ كلمةِ لَا يفقهُونَ معَ ورودِ مفردةِ الأفئدةِ فِي مواطنَ ذمِّ الكافرِينَ.. والفقهُ هُو علمُ الخاصَّةِ والفهمِ العميقِ.

ومِن لطائفِ المعارفِ هُو ذلكَ التقابلُ والمقاربةُ في درجاتِ الإيمانِ وانتشارِهَا فِي المجتمعِ، ومساحاتِ الأعضاءِ فِي الجسدِ. فالإسلامُ، أو المسلمُونَ أكبرُ عددًا مِن فئةِ المؤمنِينَ، والصدرُ مساحةٌ أوسعُ من القلبِ.. قالَ تعالَى: (فَمَن يُرِدِ ٱللهُ أَنْ يَهْدِيَهُۥ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ)، خصَّ الإسلامُ بالصدرِ بينمَا الإيمانُ أشارَ إليهِ في القلبِ؛ قال تعالَى (مَن كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَٰانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّۢ بِالْإِيمَٰانِ).

إذنْ فهلْ نستنتجُ أنَّ الإحسانَ مكانهُ اللبُّ أو الألبابُ، ومعلومٌ أنَّ المحسنِينَ أقلُّ مِن المؤمنِينَ كمَا أنَّ المؤمنِينَ أقلُّ من المسلمِينَ!. هذَا مرجعهُ إلى العلماءِ الربانيِّينَ ورثةِ الأنبياءِ، فهُم أولَى بالتحقُّقِ والتحقيقِ فيهِ.. ومِن غريبِ الأمرِ أنَّ المصطلحاتِ الطبيَّةَ تؤيِّدُ أنْ يكونَ القلبُ فِي الدماغِ، وليسَ الذِي في القفصِ الصدريِّ.. ولكنَّ هذَا مفهومٌ لا يُعوَّلُ عليهِ إذَا أخذنَا بمفهومِ السَّلفِ الصالحِ.. وهُم خيرُ الأجيالِ وأقوَى العقولِ لفَهمِ مرادِ اللهِ والنبيِّ الأكرمِ والفهمِ الغضِّ والطَّريِّ للُّغةِ العربيَّةِ.. ففِي الحديثِ الشَّريفِ (.. وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِي القَلْبُ) وهنَا الوضوحُ الجليُّ أنَّ القلبَ هُو الذِي فِي القفصِ الصدريِّ، وليسَ في الدماغِ، فالمضغةُ والقلبُ متشابِهَانِ جدًّا فِي الوصفِ..

وفي مفهومِ السلفِ قالَ عبقريَّةُ العلمِ والبلاغةِ وبوابتهَا عليُّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في القلبِ: وَأيم الله لوْ شققتُم علَى قلبِ مؤمنٍ لوجدتمُوهُ أبيضَ، ولوْ شققتُم عَن قلبِ منافقٍ لوجدتمُوه أسودَ. والشَّقُّ لا يصلحُ إلَّا لصدرٍ أو القفصِ الصدريِّ.. وفي الأثرِ أيضًا عَن عبدالله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- أنَّ القلبَ إذَا أكُرهَ عَمِيَ.. والحبُّ والكرهُ للقلبِ الذِي فِي القفصِ الصدريِّ أو (الصدورِ) وليسَ الدماغ الذِي يكونُ أعلَى أو أوَّلَ شيءٍ فِي قوامِ الإنسانِ، كمَا يزعمُ البعضُ بذلكَ، وأنَّ الصدرَ أعلَى الشيءَ؛ يجتهدُونَ فِي ذلكَ؛ كَي يوافقُوا المصطلحاتِ الطبيَّة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة