* سنواتٌ طويلةٌ و(الرجلُ السعوديُّ) يُتَّهمُ بأنَّه ذكوريٌّ متسلِّطٌ علَى (الأُنثَى)، ولَا همَّ لهُ إلَّا تعنيفهَا وافتراسهَا؛ وهذَا مَا رسخَ في الأذهانِ، لاسيَّما عندَ الخارجِ؛ فيمَا الحقيقةُ تؤكدُ بأنَّه هُو مَن يُعانِي من الاضطهادِ دونَ أنْ يُسمعَ لصوتِهِ، أو يُلتفتَ لأنينِهِ؛ ومِن صورِ معاناتِهِ واضطهادِهِ الكثيرةِ -والتِي ذِكْرهَا يحتاجُ لصفحاتٍ وصفحاتٍ- أنَّه كانَ (السَّائقَ الخاصَّ) لأُمِّهِ العزيزةِ، أو لأُختهِ المصونةِ، ثمَّ لزوجتِهِ، الألماسةِ المكنونةِ، وكذَا لابنتهِ الحنونةِ، تنهكُهُ وتلتهمُ وقتَهُ مشاويرَ أولئك الغالياتِ بينَ مدرسةٍ وجامعةٍ، وسوقٍ، وحفلاتٍ لا تنتهِي!.
*****
* وفي كلِّ تلكَ المشاويرِ (كانتْ حواءُ) تقومُ بمسؤوليَّاتِهَا هُنَا وهناكَ، وتستمتعُ برحلاتِهَا ومجاملاتِهَا لصديقاتِهَا؛ أمَّا (الرجلُ المسكينُ) فعليهِ -واجبًا وإلزامًا لا اختيارًا- أنْ ينتظرَهَا عندَ الأبوابِ في مركبتِهِ التِي تركهَا تعملُ في الانتظارِ، تحرقُ الوقودَ والنقودَ؛ لتكونَ بأجوائِهَا الباردةِ صيفًا، والدافئةِ شتاءً في استقبالِ حضرتِهَا (طلبقَهَا اللهُ، ودمعزَهَا)!.
*****
* وفِي هذَا الإطارِ، هناكَ طائفةٌ مِن (الرجالِ السعوديِّينَ)، ورغمَ أنَّهم من ذوِي الدَّخلِ المحدودِ، إلَّا أنَّهم يلتزمُونَ بتوفيرِ (سائقٍ خاصٍّ) يكونُ تحتَ أمرِ وقيادةِ (حواءَ كل منهُم)؛ وهُم مَن يدفعُونَ رسومَ تأشيرتِهِ وإقامتِهِ، ومعهَا رواتبهُ ومصاريفهُ اليوميَّة، يُضافُ لهَا ثمنُ مخالفاتِهِ المروريَّةِ!.
*****
* تلكَ معاناةٌ قاسيةٌ كانَ يعيشهَا ولسنواتٍ طويلةٍ (الرَّجلُ السعوديُّ) جسديًّا وذهنيًّا وماليًّا في صبرٍ وصمتٍ، ودونَ أنْ تتحدَّثَ عنهَا هيئاتُ حقوقِ الإنسانِ، وكذَا وسائلُ الإعلامِ؛ ودونَ أنْ يمنعهَا أو يزعجَ المجتمعَ بترديدِ ذِكْرِهَا؛ لأنَّه يرَى أنَّ ذلكَ يدخلُ ضمنَ مسؤوليَّاتِهِ التِي يفخرُ بهَا ويشرفُ؛ ولذَا فالآنَ أجزمُ: حانَ وقتُ إنصافِ (ذلكَ الغلبانِ) وردُّ جميلِهِ؛ وذلكَ بعدَ أنْ أصبحتِ (المرأةُ السعوديَّةُ) ماهرةً -وللهِ الحمدُ- في إدارتِهَا لـ(مركبتِهَا الخاصَّةِ) بعدَ مضيِّ عدَّةِ سنواتٍ مِن السَّماحِ لهَا بذلكَ.
*****
* فلعلنا نلمس ونشاهد في صورة إنسانية رائعة، قيام (النساء في السعودية) برد الدين والمعروف لـ(الرجال) في هذا الميدان؛ لكي يعيشوا حياة الرفاهية التي كن يستمتعن بها؛ بحيث نجد (الواحد منهم) مترفاً، يداعب شنباته براحة وسلام على المقعد الأيمن من السيارة -التي غالباً هو من دفع ثمنها، أو ساهم فيه-، بينما زوجته، أو أخته، أو ابنته هي من يوصله إلى مكان دراسته أو عمله، أو حتى بالقرب من استراحة زملائه، ثم تكونُ بعدَ ذلكَ بانتظارِهِ؛ لكَي ترجعَ بهِ للمنزلِ بحبٍّ وهدوءٍ وسكينةٍ، ويبقَى: هلْ تتوقَّعُونَ ذلكَ (أعزائِي)؟ ومَا رأيكُم دامَ عزُّكُم؟، وسلامتكُم.