Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد أحمد بصنوي

الرمال الساخنة: ثورة في إنتاج الكهرباء

A A
تُغطِّي الرِّمالُ مساحاتٍ شاسعةً مِن أراضِي المملكةِ، وتُعدُّ موردًا طبيعيًّا وفيرًا، لكنْ مَا قدْ لا يعرفهُ الكثيرُونَ هُو أنَّ هذهِ الرِّمالَ يمكنُ استغلالهَا لتوليدِ الكهرباءِ بطرقٍ مُستدامةٍ ونظيفةٍ، ويُعدُّ الاهتمامُ بتقنيةِ توليدِ الكهرباءِ مِن الرمالِ مِن الأمورِ الضروريَّةِ والمُلحَّةِ.

صحيحٌ أنَّ الدولةَ -رعاهَا اللهُ- قدْ قامتْ بالعديدِ من المبادراتِ مثل رؤيةِ «2030» لتنويعِ مصادرِ الدَّخلِ القوميِّ، ولكنْ مَا نطرحهُ يأتِي فِي إطارِ طرحِ المزيدِ من البدائلِ الممكنةِ التِي تتماشَى معَ طبيعةِ هذَا البلدِ الذِي يمتلكُ مساحاتٍ شاسعةً من الصَّحراءِ، تُخفِي تحتَ رمالِهَا ثروةً هائلةً مِن الطَّاقةِ الحراريَّةِ، وتُعدُّ تقنيةُ توليدِ الكهرباءِ مِن الرمالِ الساخنةِ مِن الحلولِ الواعدةِ لتسخيرِ هذهِ الطاقةِ، وتحويلِهَا إلى مصدرٍ هامٍّ للطاقةِ النظيفةِ والمُستدامةِ.

ولكنَّ السُّؤالَ الذِي يثيرُ نفسَهُ الآنَ: مَا هِي هذهِ التقنيةُ؟ وكيفَ يتمُّ توليدُ الكهرباءِ مِن الرِِّمالِ؟ فهذَا الأمرُ قدْ يبدُو أمرًا غيرَ واقعيٍّ مِن أوَّلِ وهلةٍ، ولكنْ عندمَا تطَّلعُ علَى كيفيَّةِ عملِ هذهِ التقنيةِ الأحدثِ فِي توليدِ الكهرباءِ، ستتأكَّدُ أنَّها واقعيَّةٌ، ليسَ هذَا فقطْ، بلْ هِي الأنسبُ لبلادِنَا فِي ظلِّ امتلاكِ المملكةِ لصحراءَ شاسعةٍ، وللحفاظِ علَى بلادِنَا كأحدِ مصادرِ الطاقةِ للعالمِ، خاصَّةً أنَّ هذهِ التقنيةَ قادرةٌ علَى توليدِ الكهرباءِ بتكلفةٍ رخيصةٍ بسعرِ (4 سنتات/ للكيلووات/ساعة) والتَّشغيل 24 ساعةً دونَ انقطاعٍ، ليسَ هذَا فقطْ، بلْ التكلفةُ معرَّضةٌ للانخفاضِ معَ التوسُّعِ فِي استخدامِ هذهِ التقنيةِ، وفقًا للدكتور هاني الأنصاري أستاذِ الطاقةِ المتجدِّدةِ والميكانيكَا بجامعةِ الملكِ سعود.

تعتمدُ تقنيةُ توليدِ الكهرباءِ مِن الرمالِ علَى استغلالِ طاقةِ الشمسِ؛ لتسخينِ الرمالِ، حيثُ يتمُّ جمعُ الرمالِ مِن المناطقِ الصحراويَّةِ، ومِن ثمَّ نقل الرمالِ إلى برجٍ أو منشأةٍ مخصصةٍ، واستخدامُ مرايَا عاكسةً لتركيزِ أشعةِ الشمسِ علَى الرمالِ، حتَّى تصلَ درجةُ الرمالِ إلى حرارةٍ عاليةٍ تصلُ إلى 500-800 درجةٍ مئويَّةٍ، ثمَّ يتمًُّ تمريرُ الهواءِ المضغوطِ عبرَ الرمالِ الساخنةِ، واستخدامِ الهواءِ الساخنِ لتشغيلِ توربيناتٍ بخاريَّةٍ أو غازيَّةٍ، وتوليدِ الكهرباءِ مِن خلالِ دورانِ التوربيناتِ.

هناكَ العديدُ مِن المميزاتِ لهذهِ التقنيةِ، فلكَ أنْ تعلمَ أنَّ الأرضَ يصلهَا 173 تيراواط مِن الطاقةِ الشمسيَّةِ فِي كلِّ ثانيةٍ، مَا يعنِي أنَّها تتلقَّى خلالَ 40 دقيقةً مَا يكفِي لتزويدِ العالمِ بأجمعهِ بالطاقةِ لمدَّةِ عامٍ بالكاملِ مِن خلالِ هذهِ التقنيةِ، بالإضافةِ إلى أنَّها لا تُنتجُ انبعاثاتٍ ضارَّةً أو غازاتٍ دفيئةً، خلافَ أنَّ هذهِ التقنيةَ تُتيحُ تخزينَ الطاقةِ الحراريَّةِ فِي الرمالِ الساخنةِ، لاستخدامِهَا فِي اللَّيلِ أو عندَ انقطاعِ أشعةِ الشمسِ، وهذَا الأمرُ غيرُ موجودٍ فِي العديدِ مِن وسائلِ الطاقةِ المتجدِّدةِ مثلِ الطاقةِ الشمسيَّةِ أو طاقةِ الرياحِ، إلَّا من خلالِ بطارياتٍ بتكلفةٍ مرتفعةٍ ولمدَّةٍ قليلةٍ، وأحد أهمِّ فوائدِ هذَا المشروعِ بأنَّه يُساهمُ في تنميةِ الاقتصادِ المحليِّ، ويخلقُ المزيدَ من فرصِ العملِ.

وأخيراً وليس آخراً، فما ذكر من معلومات حول تقنية توليد الكهرباء من الرمال، ليس سراً، ولكني ذكرته من باب تسليط الضوء، ولفت النظر للتركيز على مثل هذه التقنيات الحديثة القادرة على توفير ما تحتاجه المملكة من كهرباء، وتصدير الفائض إلى العالم، بما يساهم في زيادة الدخل القومي، ورفع مكانة المملكة الاقتصادية حول العالم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة