قليلٌ من النَّاسِ مَن يملكُ الخلطةَ السريَّةَ للنجاحِ فِي الحياةِ، التِي تجمعُ بينَ المكوِّناتِ الأساسيَّةِ للشخصيَّةِ الربانيَّةِ (الإيمانِ والعلمِ والأدبِ والأخلاقِ)، ومِن هذَا القليلِ الذِي عرفتهُ وتعاملتُ معهُ زمنًا طويلًا الدكتور عبدالجواد الصَّاوي، الذي دائمًا يجودُ بنفسِهِ للعلمِ باذلًا لهُ كلَّ وقتِهِ ويجودُ بروحِهِ للإيمانِ، معطيًا لهُ كلَّ جوارحِهِ، ويجودُ بحياتِهِ للأدبِ متمثِّلًا إيَّاه فِي كلِّ حياتِهِ، ويجودُ في تعاملِهِ بالأخلاقِ مُظهِرًا لهَا فِي كلِّ مَوطنٍ، قليلُ الكلامِ، كثيرُ الفِعالِ، ساعدَ فِي قيادةِ الطبِّ التكميليِّ، ودراستهُ علَى مستوَى العالمِ العربيِّ، خاصَّة الحجامةَ، وبرعَ فِي إنشاءِ عياداتٍ لهَا بعدَ حصولِهِ علَى الدكتوراةِ فِي الطبِّ والجراحةِ، والماجستيرِ فِي طبِّ الأطفالِ، وحصولِهِ علَى الدكتوراةِ فِي الطبِّ التكميليِّ مِن الهندِ، وجمعَ بينَ الدراساتِ والأبحاثِ الجادَّةِ فِي مجالِ التَّداوِي وفقًا لمعطياتٍ نبويَّةٍ، وأُسسٍ علميَّةٍ، خدمَ أبحاثَ الإعجازِ العلميِّ المتميِّزةِ، وألَّفَ فيهَا العديدَ مِن الكُتبِ، ومِن أشهرِ ذلكَ كتابهُ «الصيامُ معجزةٌ علميَّةٌ» وألَّفَ العديدَ مِن البحوثِ ذاتِ العلاقةِ بالطبِّ والتداوِي التِي منهَا: «التداوي بالحجامة هدي نبوي، الاعجاز العلمي في حديثُ الثُّلثِ، التَّداوِي بالمحرَّماتِ، الطبُّ النبويُّ منهجٌ متكاملٌ للصحَّةِ، النَّاصيةُ ووظيفةُ الفصِّ الجبهيِّ فِي الدِّماغِ، مشروعاتُ بحوثٍ طبيَّةٍ باللغةِ العربيَّةِ والإنجليزيَّةِ، الطبُّ الوقائيُّ والكائناتُ الدقيقةُ فِي القرآنِ والسنَّة، مفاتحُ الغيبِ وغيضُ الأرحامِ، أطوارُ الجنينِ ونفخُ الروحِ، أبحاثُ التداوِي بالحبَّةِ السوداءِ والقسط الهندي».
لا شك أن جل وقته قضاه باحثاً في خدمة القرآن والسنة، في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي، وكان مما اتصف به -رحمه الله تعالى- هو دقة التوثيق الشرعي، والتحقق العلمي للمادة البحثية، دون أن يكون هناك جنوح لأي ناحية بحثية فيها مبالغة شرعية أو علمية، وقدْ بذلَ فِي هذَا جهدًا كبيرًا بتواصلِهِ معَ العلماءِ والفقهاءِ الشرعيِّينَ والمتخصِّصينَ فِي الجوانبِ الطبيَّةِ والبيولوجيَّةِ، لذلكَ فإنَّ أبحاثَهُ التِي قامَ بهَا تتّصفُ بأنَّها محرَّرةٌ من المبالغةِ، ويجدُ فيهَا مَن ينشدهَا الجديَّةَ في الطَّرحِ، وفِي ضوءِ تخصصهِ الطبيِّ كطبيبٍ كانَ من أوائلِ مَن بادرَ بالحصولِ علَى شهادةِ مدرِّبٍ معتمَدٍ فِي الحجامةِ مِن قِبلِ المركزِ الوطنيِّ للطبِّ البديلِ فِي المملكةِ، وفتحَ عيادةً لهَا لممارسةِ وتدريبِ الأطباءِ فِي جدَّة.
رحمَ اللهُ الدكتورَ عبدالجواد، الذِي أفنَى عمرَهُ كلَّهُ خدمةً للطبِ، مِن خلالِ المفاهيمِ القرآنيَّةِ، والسُّنَّةِ النبويَّةِ، حيثُ كانَ حاضرًا فِي كلِّ المؤتمراتِ العالميَّةِ، هذَا بالإضافةِ إلى مَا كانَ يتمثَّلهُ مِن سعةِ صدرِهِ فِي مساعدةِ الآخرِينَ مِن طُلابِ العلمِ والمتخصِّصينَ، وإلى قلبٍ مَلَكَ فيهِ قلوبَ الآخرِينَ؛ بسببِ تواضعِهِ الجَمِّ، وتعاملِهِ الرَّاقِي الذِي تلمسهُ، وشعرَ بهِ كلُّ مَن عرفَهُ وتعاملَ معهُ، ومَن يراهُ مِن أوَّل مرَّة، أو يجلسُ معهُ يشعرُ أنَّه يعرفهُ مِن زمنٍ بعيدٍ، وذلكَ لبساطتِهِ فِي الأخذِ والعطاءِ، رحمَهُ اللهُ رحمةً واسعةً، وجعلَهُ فِي مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مُقتدرٍ، والعزاءُ لزوجتِهِ وأهلِهِ وذويهِ.. و»إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ».