Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

هدر مالي على مؤتمرات: «امسك لي واقطع لك»!

A A
* شاركتُ فِي العديدِ مِن المؤتمراتِ والملتقياتِ والندواتِ العلميَّةِ خارجَ (الوطنِ)، وفيهَا معظمُهَا -إنْ لمْ يكنْ كلَّهَا- يتكفَّلُ الباحثُونَ بـ(قيمةِ تذاكرِ سفرِهِم، وتنقلاتِهِم، وفنادقَ إقامتِهِم، بلْ وعليهِم أنْ يدفعُوا للجهةِ المنظِّمةِ مبالغَ لاستضافتِهِم للمؤتمرِ، ولقيامِ لجانِهَا العلميَّةِ بمراجعةِ الأبحاثِ وتحكيمِهَا)؛ ولذَا لَا يحضرُ تلكَ المؤتمراتِ إلَّا الجادُّونَ الذِينَ ميزتهُم التنوُّعُ، وعمقُ وثراءُ أطروحاتِهِم.

*****

* أمَّا بعضُ الجهاتِ لدينا القائمةِ علَى المؤتمراتِ أو الندواتِ، (لاسيَّما الجامعاتِ) تعلنُ وتردِّدُ: (نحنُ نهتمُّ بكلِّ شيءٍ يخصُّ المشارِكِينَ، وندفعُ ثمنَهُ، فـ«يَا هلَا بالجميعِ مِن ممشاهِم إلى ملفاهِم، فتذاكرُهُم درجة أُوْلَى، أو رجال أعمالٍ معَ رسومِ تعديلِهَا»، وإقامتُهُم فِي فنادقَ خمس نجومٍ، وتنقلاتُهُم فِي سيَّاراتٍ فارهةٍ، وقدْ يُضافُ لذلكَ هدايَا فاخرةٌ، تتكفَّلُ بهَا تلكَ الجهاتُ).

*****

* كلُّ تلكَ المزايَا والعطايَا تمنحُ المساحةَ لـ(الواسطةِ والمحسوبيَّةِ) فِي اختيارِ الباحثِينَ؛ حيث تتكرَّرُ الأسماءُ، وأحيانًا تأتِي أبحاثٌ أقلُّ وصفٍ لهَا بأنَّهَا مِن «المتردِّيةِ والنطيحةِ ومَا أكلَ السَّبعُ»؛ أمَّا الاختراعُ القديمُ الجديدُ لمعظمِ منظِّمِي تلكَ الفعاليَّاتِ فمَا يُسمَّى بـ(الضيوفِ المشارِكِينَ)، وهؤلاء يُدعونَ بذريعةِ إضافتِهِم للفعاليَّةِ بحضورِهِم واستماعِهِم ومناقشاتِهِم وتعليقاتِهِم وتعقيباتِهِم علَى كلِّ مَا يُطرح!.

*****

* بينمَا الحقيقةُ أنَّ (أولئكَ الضيوفَ) إنَّمَا جاءُوا (فقطْ) لتلميعِ المؤسسةِ المنظِّمةِ، وقائدِهَا الجائعِ جدًّا وأبدًا لـ«شو إعلامي»، وكذَا للمجاملةِ التبادليَّةِ؛ وفقَ «نظريَّةِ امسكْ لِي واقطعْ لكَ، أو ادعُونَا لمؤتمراتِكُم أو ندواتِكُم، وبعدهَا نحنُ ندعُوكُم»؛ وبالتَّالِي فشريحةٌ كبيرةٌ مِن أولئكَ السَّمِّيعةِ المفترضِينَ يكتفُونَ بـ(مهمَّةِ التلميعِ)، فهُم لَا يرُونَ مِن المؤتمرِ أو الملتقَى الندوة إلَّا حفلَ الافتتاحِ، بينمَا يقضُونَ بقيةَ أيَّامِ وليالِي الاستضافةِ فِي زياراتِهِم الخاصَّةِ نهارًا، والتسكُّعِ في جنباتِ الفنادقِ ليلًا!.

*****

* صدقوني هذه حال بعض مؤتمراتنا وملتقياتنا وندواتنا العلمية، وتلك صورة واقعية لما يدور فيها، ويؤكد على ذلك ويشهد له (عناوينها وموضوعاتها المكرورة، وتوصياتها النظرية الباهتة، التي تبقى حبيسة الملفات والأدراج والحاسبات، والتي في المجمل لا تقدم ما يخدم المجتمع، ولا تساهم في تنميته، أو معالجة ما قد يكون من أزماته).

*****

* أخيرًا، ربَّما يكونُ (هذَا المقالُ وتلكَ الكلماتُ) سببًا لحرمانِي مِن الدَّعواتِ والاستضافاتِ فِي المؤتمراتِ والملتقياتِ والندواتِ، ومعَ ذلكَ فهذهِ دعوتِي الصَّادقةُ لإيقافِ الهدرِ الماليِّ علَى (تلكَ الفعاليَّاتِ) التِي لا تقدِّمُ أيَّةَ إضافةٍ علميَّةٍ، والتَّركيزِ علَى (تلكَ) التِي مخرجاتهَا صادقة وفاعلة فِي خدمةِ المجتمعاتِ الإنسانيَّةِ؛ والتِي يمكنُ أنْ تساهمَ فِي تعزيزِ تنميتنَا واقتصادنَا، معَ الإفادةِ مِن تجاربِ التنظيمِ عن بُعد، ويبقَى علينَا أنْ نتذكَّرَ دائمًا أنَّ مِن عناوين (رؤيتنَا الطموحةِ السعوديَّة 2030م) ترشيدَ المصروفاتِ، وكذَا فاعليَّة الأبحاثِ والدراساتِ العلميَّةِ؛ وسلامتكُم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة