فِي أحدثِ دراسةٍ أعدَّهَا أحدُ مراكزِ الأبحاثِ والاستشاراتِ الاقتصاديَّةِ السعوديَّةِ؛ برئاسةِ الأستاذةِ الدكتورةِ نورة اليوسف عضوةِ مجلسِ الشُّورَى السَّابقِ، ورئيسةِ جمعيَّةِ الاقتصادِ السعوديِّ سابقًا، عَن مقارنةٍ بينَ تكاليفِ الدراسةِ فِي الجامعاتِ الحكوميَّةِ والجامعاتِ الخاصَّةِ فِي المملكةِ، خلصتِ الدراسةُ إلى أنَّ الجامعاتِ الخاصَّةَ تلعبُ دورًا مُتزايدَ الأهميَّةِ فِي دعمِ وتطويرِ الاقتصادِ الوطنيِّ، وهِي مؤسَّساتٌ تعليميَّةٌ ساهمتْ بشكلٍ ملحوظٍ فِي تحقيقِ العديدِ مِن الأهدافِ الاقتصاديَّةِ والتنمويَّةِ للمملكةِ.
منهَا توسيعُ نطاقِ فرصِ التعليمِ العالِي، وتلبيةُ الطلبِ المُتزايدِ علَى التعليمِ فِي المملكةِ؛ ممَّا يساعدُ فِي تخريجِ كوادرَ مؤهلةٍ وماهرةٍ تلبِّي احتياجاتِ سوقِ العملِ.
ومِن خلالِ برامجِهَا التعليميَّةِ والعمليَّةِ والبحثيَّةِ المتنوِّعةِ، تعملُ الجامعاتُ الخاصَّةُ علَى تطويرِ رأسِ المالِ البشريِّ فِي المملكةِ، وهذَا يساهمُ فِي تزويدِ الاقتصادِ بالكفاءاتِ والمهاراتِ اللازمةِ لتحقيقِ التنميةِ الاقتصاديَّةِ.
بالإضافةِ إلى أنَّ العديدَ مِن الجامعاتِ الخاصَّةِ لديهَا مراكزُ وبرامجُ لريادةِ الأعمالِ والابتكارِ؛ ممَّا يساعدُ في تطويرِ المشروعاتِ الصَّغيرةِ والمتوسطةِ، وتنشيطِ النشاطِ الاقتصاديِّ.
وتقومُ الجامعاتُ الخاصَّةُ بتطويرِ شراكاتٍ فعَّالةٍ معَ الشركاتِ والمؤسَّساتِ فِي القطاعِ الخاصِّ؛ ممَّا يتيحُ فرصَ عملٍ للخرِّيجِينَ فِي مختلفِ المجالاتِ.
ومن أبرز ما ورد في الدراسة، بعض التوصيات لواضعي سياسات التعليم العالي، فكان أولها أهمية إعادة النظر في سياسات التمويل الحكومي للجامعات الحكومية، وربطها بمخرجات التعليم، ومدى مواءمتها لسوق العمل، فيمكن تحويل جزء من الميزانية المخصصة للجامعات الحكومية إلى منح وقروض للطلاب في الجامعات الأهلية، حيث أوضحت الدراسات بأن تكلفة دراسة الطالب في الجامعات الحكومية أعلى من تكلفة دراسته في الجامعات الأهلية، فالجامعاتُ الحكوميَّةُ تتلقَّى تمويلًا كبيرًا مِن ميزانيَّةِ الدَّولةِ؛ لتغطيةِ النفقاتِ التشغيليَّةِ والإنشائيَّةِ وأجورِ الهيئةِ التدريسيَّةِ، بالإضافةِ إلى استيعابِ الأعدادِ المتزايدةِ سنويًّا للدِّراسةِ فِي الجامعاتِ الحكوميَّةِ. فِي المقابلِ، تعتمدُ الجامعاتُ الأهليَّةُ بشكلٍ أساسٍ علَى الرُّسومِ الدِّراسيَّةِ مِن الطلبةِ لتمويلِ تشغيلِهَا.
أمَّا التَّوصيةُ الثَّانيةُ فكانتْ تشجيعَ الطُّلابِ للالتحاقِ بالجامعاتِ الأهليَّةِ، مِن خلالِ زيادةِ عددِ المنحِ والقروضِ المقدَّمةِ لهُم، وتخفيضَ الطَّاقةِ الاستيعابيَّةِ للجامعاتِ الحكوميَّةِ، وتوجيهَ الطَّلبةِ للدِّراسةِ فِي الجامعاتِ الأهليَّةِ، هذَا مِن شأنهِ أنْ يقلِّلَ من الأعباءِ الماليَّةِ علَى ميزانيَّةِ الدَّولةِ المخصَّصةِ للجامعاتِ الحكوميَّةِ، أو لتوسعتِهَا لاستيعابِ الأعدادِ المُتزايدةِ سنويًّا، وبذلكَ ستتمكَّنُ الدولةُ مِن ترشيدِ الإنفاقِ الحكوميِّ علَى التعليمِ الجامعيِّ الحكوميِّ؛ ممَّا ينعكسُ إيجابًا علَى ميزانيَّةِ الدَّولةِ ككلٍ.
ومِن خلالِ الاستفادةِ الإستراتيجيَّةِ مِن إمكاناتِ الجامعاتِ الخاصَّةِ، يمكنُ للمملكةِ تحقيقُ زيادةٍ في النموِّ الاقتصاديِّ، وتعزيزِ فرصِ العملِ؛ ممَّا يساهمُ فِي تحقيقِ الأهدافِ الأوسعِ لرؤيةِ المملكةِ 2030.
وإذَا افترضنَا أنَّ مجموعَ الطلبةِ الذِينَ قدْ درسُوا وتخرَّجُوا، ويُضافُ لهُم مَن لازالَ يدرسُ فِي الجامعاتِ الأهليَّةِ، هو قرابةٌ مئةِ ألفِ طالبٍ وطالبةٍ، فإنَّ تكلفتهُم لوْ درسُوا فِي الجامعاتِ الحكوميَّةِ ستُقدَّرُ بالبلايينِ، وهُو مبلغٌ تمَّ توفيرُهُ علَى ميزانيَّةِ الدَّولةِ، يُضافُ لهُ حجمُ البلايينِ المستثمرةِ داخلَ الوطنِ فِي هذَا القطاعِ؛ ممَّا يؤكِّدُ أهميَّةَ دعمِ الجامعاتِ الأهليَّةِ والخاصَّةِ وأثرهَا علَى الاقتصادِ السعوديِّ.