أودُّ في البدايةِ أنْ أُوضِّحَ أنَّ كلمةَ الصَّومِ أقربُ لأنْ تكونَ مصطلحًا خاصًّا بجانبٍ تعبُّديٍّ، وهُو الصَّومُ الشَّرعيُّ، الذِي يعنِي الإمساكَ عَن الطَّعامِ والشَّرابِ مِن الفجرِ إلَى المغربِ، ويسبقهُ السُّحورُ، والاستعدادُ للصَّومِ بالنيَّةِ إنْ كانَ فرضًا، أمَّا مَا يُطلقُ عليهِ الصَّوم المتقطِّع، والذِي عُرف عام ٢٠١٤ فِي بريطانيَا، فهُو يندرجُ تحتَ مُسمَّى الأنظمةِ الغذائيَّةِ، بمَا يُعرفُ بالحِميةِ، وتخفيضِ الوزنِ؛ بتقليلِ السُّعراتِ الحراريَّةِ؛ لأنَّه لَا ينعدمُ فيهِ شُربُ السَّوائلِ؛ لذلكَ لهُ صُورٌ متعدِّدةٌ، إمَّا بالسَّاعاتِ أو الأيَّامِ.
إنَّ الصَّومَ وسيلةٌ صحيَّةٌ طبَّقتهَا أُممٌ سابقةٌ، وحضاراتٌ قديمةٌ، وإنْ أخذَ صُورًا مختلفةً، إلَّا أنَّه ذُو فائدةٍ للجسمِ، فسيِّدنَا داودُ -عليهِ السَّلامُ- أخبرَ عنهُ نبيُّنَا -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- بأنَّ صيامَهُ أحسنُ الصِّيامِ، فقدْ كانَ يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا، كصيَامِنَا مِن الفجرِ إلى المغربِ، واستخدمَ الصينيُّونَ وغيرُهُم مِن مطبِّقِي الطبِّ البديلِ الصَّيامَ التجويعيَّ كعلاجٍ يقومُ علَى تركِ الطَّعامِ ساعاتٍ طويلةً، وهناكَ العديدُ مِن الصُّورِ الأُخْرى للصِّيامِ عبرَ التاريخِ، وعندَ مختلفِ الشعوبِ، ومِن ذلكَ صومُ رمضانَ شهرًا كاملًا، والصَّومُ النبويُّ كصيامِ أيَّامِ النَّفلِ: «الاثنين والخميس، وصيامِ يومِ عرفةَ، وعاشوراءَ، وثلاثة أيَّامِ البيضِ مِن كلِّ شهرٍ»، إلى أنْ وصلنَا حديثًا إلَى فكرةِ مَا يُسمَّى -تجاوزًا- بالصَّومِ المتقطَّعِ، خاصَّةً منهُ نظامُ صيامِ ١٦ساعةً متواصلةً، يتركُ فيهَا الطَّعامَ -تمامًا- معَِ البقاءِ علَى شُربِ الماءِ أو السَّوائلِ فقطْ.
لست ضد الصيام المتقطع، لكن الدراسات والتوجيهات الصحية تؤكد أنه لا يصلح لكل الناس، وفي الوقت نفسه، هو ذو فائدة كبيرة لبعض الأشخاص المصابين بأمراض معينة، كما أن بعض أنواعه بدأ يأخذ شكل الرجيم، ومع أنه يصب في مصلحة الصحة والحفاظ على الوزن، ويبعد الشخص عن شبح السمنة، ويعمل على إزالة السموم، وتنشيط الخلايا، ويجدد عطاء الجهاز الهضمي، إلَّا أنَّ لهُ آثارًا جانبيَّةً أشارتْ إليهَا بعضُ المراجعِ الطبيَّة مثل التَّجويعِ المُفرطِ للخلايَا، والإرهاقِ، والصداعِ، والأرقِ، والغثيانِ التِي تنتهِي بالتوقُّفِ عَن الصَّومِ المتقطِّعِ، وأيًّا كانَ الصومُ المتقطِّعُ نوعهُ، فإنَّه يختلفُ عَن الصَّومِ الشَّرعيِّ فِي محدوديَّةِ الوقتِ؛ لأنَّه -اي الصَّومِ الشَّرعيِّ- مرتبطٌ بالبدءِ مِن الفجرِ، والانتهاءِ بالإفطارِ عندَ غروبِ الشَّمسِ، وبنيَّةِ الصَّومِ، وبركةِ السُّحورِ، ومنعِ الشُّربِ كالأكلِ تمامًا، وهناكَ دراساتٌ وأبحاثٌ أظهرتْ فائدةَ الصَّومِ الشَّرعيِّ وإيجابياتِهِ علَى أعضاءِ الجسمِ، خاصَّةً الكبدَ، ليسَ هنَا محلُّ شرحهَا وذكرهَا، هذَا بالإضافةِ إلى أنَّ الصِّيامَ الشَّرعيَّ يجنِي منهُ صاحبُهُ الأجرَ والثَّوابَ مِن عندِ اللهِ، ويدخلُ صاحبُهُ مِن بابِ الرَّيانِ يومَ القيامةِ؛ لأنَّ فيهِ اتِّباعًا لهديِّ القرآنِ والسُّنَّةِ، وللتميُّزِ يجبُ أنْ يحتفظَ بمصطلحِ الصّومِ للصَّومِ الشَّرعيِّ أو ما يماثلهُ بالامتناعِ عن الطَّعامِ والشرابِ، وإدراجِ الصَّومِ المتقطِّعِ ومَا يماثلهُ مِن الصَّومِ التجويعيِّ تحتَ مَا يعرفُ بالأنظمةِ الغذائيَّةِ والرجيمِ.