Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

الكاتب المفكر.. ونقده البنَّاء للمنظمات

A A
‏يلعبُ الكاتبُ دورًا محوريًّا فِي تشكيلِ الوعيِ الاجتماعيِّ، وهذَا يتطلَّبُ أنْ يحملَ رسالةً ساميةً تخدمُ المجتمعَ وقيمَهُ وأخلاقَهُ؛ بلْ تخدمُ الوطنَ ونظمَهُ المختلفةَ.. حتَّى ولوْ كانَ مَا يكتبُه رسائلَ نقديَّةً لجهاتٍ معيَّنةٍ، حكوميَّةً وأهليَّةً، فهدفهُ الأساسُ الإصلاحُ والتطويرُ؛ وقدْ حدثَ أنْ كتبتُ الكثيرَ مِن المقالاتِ، وكانتْ ردودُ تلكَ الجهاتِ غايةً فِي الاحترافيَّةِ منهَا: مقالٌ عَن إحدَى الشركاتِ الخدميَّةِ الكُبْرَى وقصورِهَا فِي تقديمِ الخدمةِ للمواطنِ بالرغمِ مِن التكلفةِ وارتفاعِ أسعارِ الفواتيرِ، ولمْ يمضِ علَى نزولِ المقالِ عدَّةِ ساعاتٍ، حتَّى أُفَاجأَ بمكالمةٍ جماعيَّةٍ، ومدير العلاقاتِ العامَّة فِي الشركةِ ومسؤولَينِ كبيرَينِ يعتذرَانِ عمَّا بدرَ مِن الشركةِ، وأنَّهمَا سيعملَانِ علَى حلِّ المشكلاتِ.

‏كمَا كتبتُ مقالًا عَن إحدَى الوزاراتِ وقصورِهَا فِي تقديمِ الخدماتِ لمواطنٍ، ووضعتُ رقمَ الملفِّ وتواريخَ القضيَّةِ، وبعدَ عدَّةِ أيَّامٍ، وجدتُ مقالًا للردِّ فِي نفسِ الصفحةِ التِي أكتبُ بهَا، وتوضيحًا للإجراءاتِ الإداريَّةِ فِي القضيَّةِ.

‏كمْ كنتُ فخورةً بأنْ يكونَ فِي مجتمعِنَا مثلُ تلكَ الشركةِ أو الوزارةِ التِي تردُّ باحترافيَّةٍ علَى الكاتبِ، ووضعِ بياناتٍ وتوضيحٍ تُبرِّرُ القصورَ؛ وهذَا حتمًا ناتجٌ عَن وجودِ إدارةٍ فاعلةٍ للعلاقاتِ العامَّةِ والإعلامِ، والتِي تلعبُ دورًا أساسًا فِي نجاحِ الشركةِ أو المنظَّمةِ، ولبناءِ صورةٍ إيجابيَّةٍ، وسُمعةٍ حَسنةٍ عندَ أصحابِ الرَّأي والفكرِ.

‏أمَّا حينمَا لَا تُلقي الشركةُ بالًا للعلاقاتِ العامَّةِ والإعلامِ؛ وتتركُ الحبلَ علَى الغاربِ لثلَّةٍ فِي مجموعاتِ الواتس أب للردَّ؛ فإنَّ ذلكَ حتمًا يفاقمُ الأزمةَ للأسلوبِ غيرِ المحترفِ الذِي يُستَخدمُ وعدمُ دقَّةِ المعلوماتِ؛ ففِي مقالِي السَّابقِ عَن (الجمعيَّات العموميَّة بينَ موافقٍ وغيرِ موافقٍ)، ردَّ أحدُهُم علَى المبنَى الإداريِّ بقولِهِ: «إنَّهُ مخالفٌ لأنظمةِ وتعليماتِ البلديَّةِ!».. فكيفَ أُنشيءَ مبنَى وافتتحهُ أمير منطقة مكة صاحب السمو الملكيِّ الأميرُ عبدالمجيد بن عبدالعزيز عام 1422هـ يكونُ مخالفًا للأنظمةِ؟!.. فهذَا بهِ الكثيرُ مِن التجنِّي علَى أمانةِ العاصمةِ المقدَّسةِ التِي لا تُصدِرُ تصريحًا لأيِّ بناءٍ إلَّا بعدَ استيفاءِ كافَّةِ التَّراخيصِ مِن حيثُ الموقعِ وإدارة الدفاعِ المدني.. وغيرهَا، بلْ هذَا المبنَى أصبحَ أحدَ أهمِّ المعالمِ فِي مكَّة، ووفَّرَ علَى المؤسسةِ أو الشركةِ ملايينَ مِن الريالاتِ، والذِي لوْ لمْ يكنْ موجودًا، لتمَّ استئجارُ آخرُ بالملايينِ كمَا تفعلُ بعضُ الشَّركاتِ!!.

‏وأمَّا (مبنَى الأهلة) ووصفهُ زورًا بأنَّه: «أسوأُ استثمارٍ»، فإنَّ فكرةَ إنشائِهِ ليكونَ موردًا استثماريًّا لأبناءِ المؤسسةِ، وهُو أيضًا أحدُ أهمِّ المعالمِ البارزةِ فِي مكَّة، ودعمَ الفكرةَ معالِي الوزيرِ إياد مدني بشراءِ أرضٍ واستثمارِ الأموالِ المستحقَّةِ للمساهمِينَ والمتراكمةِ لدَى مؤسسةِ النَّقدِ.. ثمَّ تابعَ المشروعَ معالِي وزيرُ الحجِّ الأسبقُ المهندسُ فؤاد الفارسي، وكانتْ هناكَ دراساتُ جدَوَى، وأشرفَ عليهَا نخبةٌ مِن أعضاءِ مجلسِ الإدارةِ، منهُم نائبُ رئيسِ مجلسِ الإدارةِ الحالِي.. فالبدءُ فِي المشروعِ كانَ بعدَ عامِ 1431هـ، ثمَّ فِي نهايةِ عامِ 1433هـ استلمتْ إدارةٌ جديدةٌ المشروعَ، وهُو لمْ يكتمل التشطيبُ بعد.. فكيفَ تمَّ إكمالُ المشروعِ عامَ 1434هـ؟! هلْ للترويجِ للانتخاباتِ؟، ومَا هِي التغيُّراتِ التِي حدثتْ والاختلافاتُ فِي التشطيبِ عن الخرائطِ الأصليَّةِ؟، مَا سببُ المشكلاتِ فِي توزيعِ الكهرباءِ؟، ولماذَا استقالَ أحدُ أهمِّ أعضاءِ مجلسِ الإدارةِ -آنذاك- النائب -حاليًّا- وإنْ كانتْ هناكَ مسألةٌ، فهُو والعضُو المنتدبُ كانَا فِي ثلاثِ إداراتٍ متواليةٍ.

‏ومعَ أنَّ لكلِّ مشكلةٍ حلًّا، فإنَّ الإخفاقَ فِي حلِّ مشكلةِ الكهرباءِ لازالَ قائمًا؛ وحتَّى الشَّركة التِي عُيِّنت -مؤخَّرًا- للإدارةِ والتسويقِ للمبنَى، وحصلتْ علَى ملايين مِن الريالاتِ لمْ تنجحْ!.

‏إحدَى المساهِمَات قالتْ: إنَّ زوجَها مستأجرٌ محلًّا تجاريًّا فِي أحدِ أكبرِ العقاراتِ فِي المنطقةِ المركزيَّةِ؛ ولديهِم نفسُ المشكلةِ، وكانَ الحلُّ هُو إحضارُ مهندسِينَ كهربائيِّينَ وتقديرُ قيمةِ استهلاكِ الكهرباءِ لكلِّ محلٍّ تجاريٍّ حسب الحجمِ والمعدَّاتِ الكهربائيَّةِ، وتُدفعُ الفواتيرُ معَ الإيجارِ سنويًّا. طبعًا هذهِ أبسطُ الحلولِ.

والعلم الحديث والتقنية قد حلت الكثير من مشكلات الإنسان، فهل تعجز إدارة احترافية عن إيجاد حلول؟! لا نعلم ما هي المصلحة لمن يقللون من قيمتها في هذا الوقت بالذات؟! واحتسبوا في القوائم المالية فقط قيمة الأرض دون المبنى!! والذي تسبب في انخفاض حاد لقيمة الشركة وبالتالي قيمة السهم!.

رئيسُ المجلسِ يُصرِّحُ بأنَّه سيعملُ علَى إحضارِ شركةٍ ودراسةِ الجدوَى ليكونَ سكنًا للحجَّاجِ والمعتمرِينَ! معَ أنَّ هذَا المبنَى أُسِّس أصلًا ليكونَ مبنًى سكنيًّا، ويحتوِي علَى (320 غرفةً فندقيَّةً)، فلماذَا لمْ يُستثمرْ بهذهِ الطريقةِ؟! ولماذَا لمْ يُؤجَّر لشركةِ فنادق؟! وجميعُ الفنادقِ الكُبْرى في العالمِ تحوِي أيضًا قاعةً للحفلاتِ، كمَا تحوِي صالاتٍ رياضيَّةً، وترفيهيَّةً ومحلَّاتٍ تجاريَّةً تستقطبُ الزَّائرِينَ والحجَّاجَ والمعتمرِينَ.. وهذهِ مميِّزاتٌ لا يدركهَا الغوغائيُّونَ ممَّن يصفُونَ كاتبًا بالجهلِ، ويردِّدونَها مرَّاتٍ فِي سطورٍ محدودةٍ.. إنَّه الإسقاطُ يا سادة؛ حيلةٌ دفاعيَّةٌ نفسيَّةٌ لا شعوريَّة يسقطهَا الفردُ على الآخرِينَ ليمحُوهَا عَن نفسهِ.. فهلْ تدركُ الشركةُ خطرَ الاعتمادِ عليهِم في إعلامِهَا، وإبرازِ صورتِهَا بطريقةٍ مهزوزةٍ؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store