تعرَّضَ العديدُ من العلماءِ العَرب والمسلمِينَ، لعمليَّاتِ اغتيالٍ، وبأشكالٍ وطُرقٍ مختلفةٍ، إِمَّا بالقتلِ والتفجيراتِ، أو بحوادثِ المرورِ، فِي عمليَّاتٍ الهدفُ منهَا تصفيةُ العقولِ، واجتثاثُ الكفاءاتِ العلميَّةِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، مِن أجلِ قطعِ الطريقِ أمامهُم، حتَّى لا يكونُوا علامةً مضيئةً فِي بلدانِهِم؛ ومِن أبرزِ هذهِ الشخصيَّاتِ التِي لقيتْ حتفَهَا بتلكَ الطُّرقِ والأشكالِ:
فِي سنةِ 1950م، تمَّ اغتيالُ أحدِ أعظمِ العلماءِ فِي تاريخِ الحضارةِ المصريَّةِ كلِّهَا، وهُو أحدُ السبعةِ الذِينَ عرفُوا سرَّ الذرَّةِ علَى مستوَى العالمِ، وضعَ معَ زميلِهِ عالمِ الفيزياءِ «ألبرت أينشتاين» الشَّهيرِ بأبي النظريَّةِ النسبيَّةِ للذرَّةِ، هُو مَن قامَ بإثباتِهَا رياضيًّا، قالَ عنهُ «ألبرت أينشتاين»، عندمَا جاءَهُ خبرُ اغتيالِهِ: «لقدْ تُوفِّي نصفُ العالمِ»، إنَّه العالِمُ المصريُّ الدكتورُ «مصطفى مشرفة».
وبعدَ اغتيالِهِ بعامَينِ، أي فِي سنةِ 1952م، تمَّ اغتيالُ تلميذتِهِ عالمةِ الذرَّةِ المصريَّةِ علَى الأراضِي الأمريكيَّةِ، التِي توصَّلتْ إلى المعادلةِ التِي يمكنُ بهَا تصنيعُ القنبلةِ النوويَّةِ، بتفتيتِ المعادنِ الرخيصةِ.
تمَّ دعوتُهَا لزيارةِ المفاعلاتِ النوويَّةِ الأمريكيَّةِ فِي ضواحِي ولايةِ كاليفورنيَا، وأثناءَ سيرِهَا علَى إحدَى الطُّرقِ المرتفعةِ، ظهرتْ فجأةً أمامَهَا سيَّارةُ نقلٍ لتصطدمَ بسيارتِهَا وتُلْقِي بهَا فِي وادٍ عميقٍ، وقدْ قفزَ سائقُ المركبةِ واختفَى؛ إنَّها الدكتورةُ «سميرة موسى»، العالمةُ المصريَّةُ التِي أُطلقَ عليها لقبُ «ماري كيوري الشَّرق»، تيمنًا بالعالمةِ البولنديَّةِ «ماري كيوري» الحاصلةِ علَى اثنتَين مِن جوائزِ نوبل فِي تخصُّصَينِ مختلفَينِ هُمَا الفيزياءُ والكيمياءُ.
ومنهم عالم الذرة المصري الأستاذ في جامعة «ديترويت» ميشيغان الأمريكية الدكتور «سمير نجيب»، اغتِيل سنة 1967م، عندما قرر العودة لبلده مصر، بعد انتهاء حرب يونيو 1967م، وفي ليلة مغادرته، وأثناء قيادته لمركبته اصطدمت بها شاحنة كبيرة فتحطمت مركبته، ولقي مصرعه على الفور، وانطلقت سيارة النقل بسائقها، وتم قيد الحادث ضد مجهول.
وأيضًا عالِمُ الذرَّةِ المصريُّ «يحيى المشد»، الخبيرُ فِي مجالِ التصميمِ والتحكُّمِ بالمفاعلاتِ الذريَّةِ، بدأَ مسارَهُ المهنيَّ فِي المفاعلِ النوويِّ لأنشاص بمصرَ، ثمَّ عملَ فِي العراقِ، وكانَ لهُ دورٌ كبيرٌ في تأسيسِ البرنامجِ النوويِّ العراقيِّ.
أصبحَ رئيسًا للبرنامجِ النوويِّ العراقيِّ الفرنسيِّ المشتركِ، اُستُدعِيَ ذاتَ مرَّةٍ إلى فرنسَا لمعاينةِ شحنةٍ مِن اليورانيوم، غيرَ أنَّ تلكَ الرحلةَ كانتْ الأخيرةَ فِي حياتِهِ، فقدْ عُثرَ عليهِ مذبوحًا فِي غرفتِهِ فِي الرابعِ من يونيو 1980م، وقيَّدتِ الشرطةُ الفرنسيَّةُ القضيَّةَ ضدَّ مجهولٍ.
وكذلكَ العالمُ اللبنانيُّ «رمال حسن رمال»، الذِي وصفتهُ مجلةُ «لوبان» الفرنسيَّةُ الواسعةُ الانتشارِ بأنَّه «أحدُ أهمِّ علماءِ العصرِ فِي مجالِ الفيزياءِ»، لَقِيَ حتفَهُ فِي مختبرٍ للأبحاثِ فِي فرنسَا، ومَا زالتْ قصَّةُ وفاتِهِ تشكِّلُ لغزًا محيِّرًا، والغريبُ عدمُ إشارةِ المواقعِ الإخباريَّةِ الفرنسيَّةِ إلَى أنَّه تعرَّضَ للتَّهديدِ، أو حاولَ المغادرةَ النهائيَّةَ لبلدِهِ الأصليِّ لبنانَ، كمَا لمْ يتم العثورُ علَى أيَّةِ آثارٍ عضويَّةٍ علَى جثَّتِهِ.
وأختمُ بالعالِمِ النوويِّ الإيرانيِّ الدكتور «مجيد شهرياري»، الذِي قامَ بدورٍ محوريٍّ فِي تأسيسِ برنامجِ إيران النوويِّ معَ مواطنِهِ العالِمِ «فريدون عباسي»، تمَّ اغتيالهُمَا فِي نفسِ اليومِ وبنفسِ الطريقةِ، بعمليَّةٍ قامَ بهَا درَّاجَانِ ملثَّمَانِ بوضعِ قنبلتَينِ لاصقتَينِ بمركبتَيهِمَا، أدَّتا لوفاتهِمَا فِي 29 نوفمبر 2010م. ولمْ يتمْ -لحدِّ الآنَ- التعرُّفُ علَى الدَّراجِينَ الاثنَينِ الملثَّمَينِ.
اغتيال العلماء العرب والمسلمين.. اجتثاث للكفاءات العلمية
تاريخ النشر: 13 أغسطس 2024 23:59 KSA
A A