ها هُو أوَّلُ أسبوعٍ للدِّراسةِ قدْ حلَّ -ولا شكَّ- أنَّ هناكَ مجموعةَ قضايَا مصاحبةً لهُ تحتاجُ إلى حلٍّ، أوَّلهَا وأهمُّهَا النَّقلُ والمواصلاتُ، والمرورُ، والزَّحمةُ، فصباحُ كلِّ يومٍ تكتظُّ الشَّوارعُ وتزدحمُ الطُّرقاتُ الرئيسةُ والفرعيَّةُ بالسيَّاراتِ، وتعيشُ النُّفوسُ الصغيرةُ تحتَ ضغطِ هذَا الازدحامِ إلى أنْ تصلَ إلَى المدرسةِ، وربَّما يصلُ البعضُ منهُم وهُو نائمٌ؛ بسببِ السَّهرِ وعدمِ برمجةِ الصغارِ فِي الإعدادِ للذهابِ للمدرسةِ قبلَ موعدِهَا بأسبوعٍ، وهذهِ هِي القضيَّةُ الثانيةُ التِي تحتاجُ إلى حلٍّ، وَهِي أنَّ المجتمعَ تعوَّدَ علَى السَّهرِ خلالَ فترةِ الإجازةِ قبلَ أنْ يحلَّ موعدُ الدراسةِ مِن جديدٍ، فينسحبُ ذلكَ علَى الصغارِ، فتجدهُم نائمِينَ فِي الفصولِ، فالمفروضُ أنَّ المدارسَ تتواصلُ معَ البيتِ بخصوصِ التعاونِ لوضعِ برامجِ متابعةٍ اجتماعيَّةٍ فيمَا يخصُّ ظاهرةَ النَّومِ، فالمدرسةُ عندمَا تكونُ كمنصَّةٍ اجتماعيَّةٍ وتربويَّةٍ وليستْ أوعيةً تعليميَّةً فقطْ، فإنَّ أثرهَا وتوجيهَهَا يتعمِّقُ فِي نفوسِ الطلابِ والطالباتِ، وبالتَّالِي يمتدُّ أثرُ المدرسةِ إلى تحقيقِ نواحٍ تربويَّةٍ، ومتابعةٍ ميدانيَّةٍ، وسلوكياتٍ شخصيَّةٍ يحتاجُ الصغارُ فيهَا إلى التوجيهِ فِي زمنِ حلَّت فيهِ التقنيةُ الإلكترونيَّةُ محلَّ الوالدَينِ والمعلِّمِينَ والمعلِّماتِ، وأصبحتْ فِي متناولِ الصغارِ قبلَ الكبارِ خاصَّةً المنصَّاتِ ذاتِ التطبيقاتِ المتعدِّدةِ الأغراضِ اللاهيةُ منهَا والمُلهيةُ، النَّافعةُ منهَا والضارَّةُ، التِي تملأُ العقولَ بالفراغِ، وتملأُ القلوبَ بالضَّياعِ، وتملأُ النُّفوسَ بالاضطراباتِ.
إنَّ هناكَ تركيزًا عالميًّا وتوجيهَ أنظمةٍ عالميَّةٍ تستهدفُ إذابةِ الهويَّةِ، ونشرِ الرذيلةِ، وتطبيعِ الفسادِ الأخلاقيِّ فِي نفوسِ الأجيالِ تمخرُ عبابَ مَا يقدَّم مِن برامجَ عبرَ تلكَ المنصَّاتِ مثل «فيس بوك» الذِي بهِ متابعُونَ أكثرُ مِن ٣ ملياراتِ إنسانٍ، و»يوتيوب» الذِي يتابعهُ أكثرُ من ٢.٥ مليار شخصٍ، و»تيك توك»، و»واتس آب»، و»سناب شات»، وغيرها كثير، فالتنصُّل عن هويَّة المجتمعِ وسلوكياتِهِ أصبحَ مسلكًا ذَا رغبةٍ لدَى الصغارِ وفقًا لمَا تقدِّمهُ تلكَ المنصَّاتُ الاجتماعيَّةُ.
ومن هنا يجب أن تلحظ جهات التعليم والمدارس أن دورها ليس تعليمياً فقط، إنما الأهم من التعليم نفسه المحافظة على عقيدة الصغار، وصيانة أخلاقهم، وإقرار هوية المجتمع الوطنية التي تميز بها وتقاليده وأعرافه، وأن يبني المعلمون والمعلمات عبر منصات المدارس توجيهات وتعريفات ذات علاقة توضح ما يشكل عليهم من شبهات أو تحل في قلوبهم من شهوات.
فالعلاقةُ اليومَ بينَ الطلابِ ومعلِّميهِم ليستْ كالأمسِ فِي الفصلِ فقطْ، وأثناءَ الفسحةِ، إنَّمَا متابعاتٌ عبرَ منصَّاتٍ مدرسيَّةٍ تملأُ وقتَهُم ويستقُونَ منهَا الإجاباتِ علَى كلِّ جديدٍ ليسَ تعليميًّا فقطْ، إنَّما تعليميًّا وتربويًّا واجتماعيًّا، كمَا هُو معمولٌ بهِ فِي اليابانِ والصِّينِ، وبعضِ الدُّولِ الأُخْرَى التِي تعملُ جاهدةً المحافظةَ علَى هويتهَا وأعرافِ مجتمعِهَا وتمنحُ صغارهَا لقاحاتٍ وتطعيماتٍ ضدَّ مَا تنشرهُ منظَّماتٌ عالميَّةٌ مِن فسادٍ أخلاقيٍّ، وتطبيعٍ لأمورٍ تخالفُ الفطرةَ، وتؤدِّي إلى الاضطرباتِ النفسيَّةِ، والمعيشةِ الضنكةِ.