لنْ تنسَى ملايينُ العمالةِ المقيمةِ حاليًّا أو سابقًا منذُ تأسيسِ المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ، عربًا وأجانبَ، مسلمِينَ ومسيحيِّينَ، سُنَّةً وشِيعةً ومذاهبَ أُخْرَى، فضلَ المملكةِ عليهِم فِي توفيرِ فرصِ العملِ علَى مختلفِ المستوياتِ مِن عمالةٍ ذاتِ مستوياتٍ علميَّةٍ عاليةٍ، مِن دكاترةٍ ومهندسِينَ وصيادلةٍ وفنيِّينَ وعمالةٍ غيرِ متعلِّمةٍ، ومِن ثقافاتٍ وبيئاتٍ مختلفةٍ إلى حدِّ الجهالةِ لوظائفَ لَا تحتاجُ شهاداتٍ، أو مهاراتٍ، أو خبراتٍ غيرَ المجهودِ الجسمانيِّ، ولكنَّهَا فِي مجملِهَا تركتْ أوطانَهَا طلبًا للرِّزقِ، وتحسينِ حالِ أُسرِهِم وأبنائِهِم، وهِي مصالحُ مشتركةٌ فِي مجالِ العملِ. ولنْ ننسَى دورَهُم وجهدَهُم فِي بناءِ العديدِ مِن المشروعاتِ التنمويَّةِ فِي بلادِنَا، سواءٌ كانَ عملهُم تعاقدًا معَ قطاعاتٍ حكوميَّةٍ، أو خاصَّةٍ علَى مستوَى الشركاتِ والمؤسَّساتِ، أو الأفرادِ مِن خلالِ العمالةِ المنزليَّةِ.. وفِي المقابلِ لقدْ نمَا وتطوَّر اقتصادُ بعضِ الدُّولِ المرسلةِ لعمالتِهَا للمملكةِ. وكمْ مِن مشروعاتٍ قامتْ فِي تلكَ الدولِ مِن إيراداتِ العملةِ الصَّعبةِ لعمالتِهَا فِي المملكةِ، أو فِي بعضِ دولِ الخليجِ. لقدْ كانَ سوقُ المملكةِ -ولا زالَ- أكبرَ مركزِ تدريبٍ وتعليمٍ للعمالةِ الوافدةِ. وكمْ مِن هذهِ العمالةِ خرجتْ مِن المملكةِ لتعملَ علَى حسابِهَا الخاصِّ فِي بلادِهَا بعدَ أنْ تمكَّنتْ مِن الخبرةِ والمعرفةِ، وأصبحُوا فيمَا بعد مِن كبارِ رجالِ الأعمالِ فِي بلادِهِم. والأمثلةُ عديدةٌ فِي بعضِ الدولِ العربيَّةِ والأجنبيَّةِ. ومِن أكبرِ المستفيدِينَ مِن إيرادِ العمالةِ خارجَ أوطانِهِم؛ كانتْ صاحبةُ ثانِي أكبرِ عددِ عمالةٍ فِي المملكةِ بعدَ بنجلاديش، وهِي الهندُ، والتِي يعملُ منهَا فِي المملكةِ حوالَى مليونٍ وثمانمئةِ ألفِ عاملٍ هنديٍّ، ويشهدُ تاريخُ وجودِهِم منذُ بدايةِ تأسيسِ المملكةِ.. وأنَّه مِن المؤسفِ جدًّا أنْ يواجهَ فضلُ المملكةِ بالجحودِ.. وأنْ تُشوَّهَ صورةُ العملِ فِي المملكةِ نتيجةَ سلوكيَّاتِ بعضِ أفرادٍ ممَّن لَا يمثِّلُونَ غالبيَّةَ شعبِ المملكةِ المسلمِ صاحبِ الخُلقِ الإسلاميَّةِ والمعاملةِ الإنسانيَّةِ. ويصعبُ علينَا أنْ نعمِّمَ التَّعاملَ الفرديَّ علَى بيئةِ العملِ فِي المملكةِ، والتِي يعملُ بهَا حوالَى 9 ملايِين عاملٍ أجنبيٍّ، فكمْ مِن حالاتِ إساءةٍ فرديَّةٍ واجهَهَا السُّعوديُّونَ خارجَ أوطانِهِم، ولكنْ لمْ نحكمْ علَى شعوبِ تلكَ الدُّولِ بأنَّهَا سيِّئةٌ. وكمْ مِن سرقاتٍ لسعوديِّينَ حصلتْ وأنَا منهُم فِي بعضِ المطاراتِ الأوروبيَّةِ، مثل مطارِ جنيف، فكانَ مِن الصَّعبِ الحُكمَ علَى السويسريِّينَ -أرقَى شعوبِ العالمِ بأنَّهم سارقُونَ-. وكذلكَ يحصلُ فِي باريس ولندن ومصر والهند، وغيرها. وكمْ مِن مهرِّبِينَ للمخدَّراتِ قُبضَ عليهِم فِي المملكةِ مِن الجنسيَّةِ الهنديَّةِ والباكستانيَّةِ وجنسيَّاتٍ أُخْرَى، ولمْ نجرؤْ علَى وصفِ الشعبِ الهنديِّ والباكستانيِّ، أو غيرهِم بأنَّهم جميعًا مهرِّبُونَ.
إن صدور فيلم (حياة الماعز)، لن يمثل واقعاً تعيشه العمالة الهندية أو غيرها في المملكة، بل هو عار على منتج الفيلم ومن مثل فيه، ومهما أثار من ضجة إعلامية، أو حصل على أعلى نسبة مشاهدة قد تسعد الحاقدين على المملكة والناكرين للجميل، فلن تؤثر هذه الضجة بأي حال من الأحوال على سوق المملكة، ولن ينالوا من سمعة المملكة إلا ردة فعل تنقلب عليهم. متمنيًا علَى هيئةِ الأفلامِ، أو قناة الـMBC تبنِّي سلسلةِ أفلامٍ عَن قصصِ نجاحٍ للعمالةِ الأجنبيَّةِ فِي دولِ الخليجِ، أو فِي المملكةِ علَى وجهِ الخصوصِ، وتوضَّح أثرَ تحويلاتِ العمالةِ علَى اقتصادِ بلادِهِم، والتِي بلغتْ 124.9 مليارَ ريالٍ سعوديٍّ فِي عام 2023، وتظهرُ حقيقةَ المعاملةِ الإنسانيَّةِ الإيجابيَّةِ علَى العمالةِ الأجنبيَّةِ فِي المملكةِ.