زيارتِي الأخيرةُ للأردنِ، كانتْ تجربةً غنيَّةً وفريدةً مِن نوعِهَا، حيثُ فتحتْ لِي نافذةً علَى عمقِ الروابطِ الثقافيَّةِ والاجتماعيَّةِ بيننَا كخليجيِّينَ والشعبِ الأردنيِّ.
خلالَ جولتِي فِي شوارعَ عمَّان، المدينة التِي تنبضُ بالحياةِ، استوقفتنِي مظاهرُ الكرمِ الأردنيِّ في مضيفِ الشيخِ أبي نضال العدواني. كانَ المضيفُ عبارةً عَن «بيتِ شَعر» يتوسَّط أحدَ أرقَى أحياءِ العاصمةِ، حيثُ تجمُّع الأصالةِ معَ الحداثةِ فِي مكانٍ واحدٍ.. هناكَ، شعرتُ بدفءِ الاستقبالِ والتِّرحابِ الذِي يعكسُ أسمَى معانِي الضيافةِ العربيَّة.
الشيخُ أبو نضال، الذِي زارَ مكَّة المكرَّمة، والمدينة المنوَّرة خمسَ مرَّاتٍ منذُ منتصفِ السبعينيَّاتِ الميلاديَّةِ، تحدَّثَ بفخرٍ عَن التحوُّلاتِ الكُبْرَى التِي شهدَهَا الحرمَانِ الشَّريفَانِ تحتَ قيادةِ المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ، فكانَ فخورًا بالإنجازاتِ العظيمةِ التِي حقَّقتهَا المملكةُ فِي تنظيمِ الحجِّ والعُمرةِ، وتقديمِ خدماتِ رفاهيةٍ للحجَّاجِ والمعتمرِينَ.
مَا أثارَ إعجابِي بشكلٍ خاصٍّ، هُو التشابهُ الكبيرُ بينَ عاداتِ وتقاليدِ المجتمعِ الأردنيِّ والخليجيِّ، حيثُ إنَّنا نشاركهُم فِي احترامِ الكبيرِ والتَّقديرِ العميقِ للعائلةِ، كمَا أنَّنا نتقاسمُ نفسَ تقاليدِ الكرمِ والضيافةِ، حتَّى فِي المناسباتِ الاجتماعيَّةِ، كالأعيادِ والأعراسِ، نجدُ أنَّ طقوسَ الاحتفالِ تكادُ تكونُ متطابقةً؛ ممَّا يعزِّزُ من شعورِنَا بالألفةِ والانتماءِ المشتركِ.
فِي نهايةِ زيارتِي، أدركتُ أنَّ مَا يجمعنَا ليسَ فقطْ التَّشابُه فِي العاداتِ والتقاليدِ، بلْ شعورٌ عميقٌ بالأخوَّةِ والإنسانيَّةِ، تلكَ الروابطُ التِي تتجلَّى فِي كلِّ لقاءٍ وفِي كلِّ حديثٍ.
غادرتُ عمَّان، وأنَا محمَّلٌ بتلكَ الذكرياتِ الجميلةِ، وبإحساسٍ قويٍّ بأنَّنا كأشقاءَ خليجيِّينَ وأردنيِّينَ، نتشاركُ روحًا واحدةً تنبضُ بالمحبَّةِ والاحترامِ المتبادلِ.
في قلبِ «بيتِ الشَّعرِ» ذاكَ، وجدتُ ليسَ فقطْ كَرَم الضيافةِ، بلْ وجدتُ امتدادًا لبيتِي ووطنِي في أرضِ الأردنِ الطَّيبةِ.