عندمَا يتمُّ طرحُ فكرةٍ مَا، أو طلبِ مشورةٍ مِن أحدِ الأقاربِ أو الأصدقاءِ -غالبًا- مَا يتكوَّنُ الرَّأيُ بناءً علَى مخزونِ الذِّكرياتِ والتَّجربةِ الشخصيَّةِ لهُ، فمثلًا لو كانتِ المشورةُ عَن السيَّاراتِ الأمريكيَّةِ، وكانتْ تجربتهُ سيِّئةً نتيجةَ سوءِ استخدامٍ منهُ، أو ظروفٍ أُخْرى سيكونُ رأيهُ بعدمِ التأييدِ لهَا، وكذلكَ لوْ تمَّ السَّؤالُ عَن الزَّواجِ لشخصٍ مُنفصلٍ أُسريًّا سيكونُ بالطَّبعِ سلبيًّا، وهكذَا، لذلكَ علَى طالبِ المشورةِ، أو الرَّأيِ التمعُّنُ فِي ذلكَ قبلَ الأخذِ بالرَّأيِ أو المشورةِ، فكيفَ يتكوَّنُ الرَّأيُ غالبًا؟ وهلْ هناكَ عواملُ تساعدُ علَى تكوُّنِ رأيٍ مَا غير الذِّكرياتِ والمعتقداتِ؟
تلعبُ الذَّاكرةُ الشخصيَّةُ والتَّجاربُ دورًا حاسمًا في تشكيلِ معتقداتِ الفردِ ووجهاتِ نظرِهِ، وتشكِّلُ هذهِ العناصرُ الأساسَ الذِي يقومُ عليهِ فهمُ الأشخاصِ للعالمِ مِن حولِهِم؛ ممَّا يؤثِّرُ علَى قيمِهِم وآرائِهِم وقراراتِهِم.
الذَّاكرةُ مركزيَّةٌ للإنسانِ، لهَا دورٌ فِي تشكيلِ المعتقداتِ، وتساعدُ ذكرياتُنَا للأحداثِ، والتفاعلاتُ والتَّجاربُ الماضيةُ فِي تفسيرِ المعلوماتِ والمواقفِ الجديدةِ، التِي يمكنُ أنْ تؤثِّرَ التجاربُ الإيجابيَّةُ أو السلبيَّةُ بشكلٍ كبيرٍ علَى كيفيَّةِ رؤيةِ الأشخاصِ لمواقفَ مماثلةٍ فِي المستقبلِ.
الخلفية الثقافية أيضاً، هي عامل مهم آخر، فتشكل القيم والأعراف والتقاليد الثقافية للفرد كيفية فهمه، والتعامل مع القضايا المختلفة، على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر المعتقدات الثقافية حول أدوار الأسرة والدين والأعراف الاجتماعية بشكل عميق على المعتقدات والسلوكيات الشخصية.
بالإضافةِ إلَى ذلكَ يلعبُ التَّعليمُ دورًا محوريًّا فِي تشكيلِ المعتقداتِ فمَا يتعلَّمُهُ النَّاسُ فِي المدرسةِ، أو مِن خلالِ التَّعليمِ الرسميِّ، أو التعلُّمِ الذاتيِّ يؤثِّرُ علَى فهمِهِم للعالمِ، ويمكنُ أنْ يتحدَّى التَّعليمُ المعتقداتِ الحاليَّةَ، ويُقدِّمُ أفكارًا جديدةً؛ ممَّا يؤدِّي إلى تغييراتٍ فِي وجهاتِ النَّظرِ.
تساهمُ التفاعلاتُ معَ الأسرةِ والأصدقاءِ فِي تشكيلِ المعتقداتِ، ويمكنُ أنْ تعزِّزَ المناقشاتُ والجدالاتُ والتجاربُ المشتركةُ معَ الآخرِينَ إلى تغييرٍ مِن المعتقداتِ الشخصيَّةِ، وهنَا يعزِّزُ دورَ
الأُسرةِ فِي توجيهِ الأجيالِ، وتوضيحِ الضبابيَّةِ فِي الأراءِ التِي قدْ تنشأُ لهُم معَ ظهورِ منصَّاتِ التَّواصلِ الاجتماعيِّ، والاستخدامِ المُفرطِ لهَا.