#ناصيةٌ
منذُ أنْ عرفتُ نفسِي، وتواصلتُ معَ عالمِ المعرفةِ وفضاءِ القراءةِ اتَّخذتُ #التَّغافل صديقًا استدعيهُ إذَا تطلَّبَ الأمرُ ذلك
وهذَا القرارُ، أعنِي اتِّخاذَ التَّغافلِ صديقًا، جاءَ بعدَ سياحةٍ طويلةٍ فِي عالمِ الكُتبِ وَهُو: «الكونُ المسطورُ»، وعالمِ التجاربِ وَهُو: «الكونُ المنظورُ».
ولعلَّ أبرزَ المحطَّاتِ التِي أثَّرتْ عليَّ وشجَّعتنِي لأجعلَ التَّغافلَ صديقًا.. مَا يَلِي:
أوَّلًا: سُئلِ حكيمٌ: مَا اللَّبيبُ؟ فقالَ: الفَطِنُ المُتغافلُ.
ثانيًا: لمَّا أمضَى معاويةُ، بيعةَ يزيدٍ، قالَ
يزيدُ: يَا أبتِ مَا أدرِي أنخدعُ النَّاسَ، أمْ يخدعُونَنَا بمَا يأخذُونَ منَّا؟ فقالَ: يَا بنيَّ مَن خدعَكَ فانخدعتَ لهُ فقدْ خدعتَهُ.
ثالثًا: وَقِيلَ: إذَا أردتَ لباسَ المحبَّةِ، فَكُن عالمًا كجاهلٍ.
رابعًا: وقِيلَ: مَن تغافلَ فعقِّلُوه، ومَن تكايسَ فطبطبُوه، أي العبُوا بهِ علَى الطبطابةِ.
خامسًا: قالَ الشَّاعرُ:
ليسَ الغَنِيُّ بِسيِّدٍ فِي قَومِهِ
لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغَابِي.!
سادسًا: قالَ عمرو بن العاص: مَا رأيتُ أحدًا كلَّمَ عمرَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- إلَّا رحمتهُ؛ لأنَّه كَانَ لَا يخدعُ أحدًا لفضلِهِ، وَلَا يخدعَهُ أحدٌ لفطنتِهِ.
سابعًا: وقالَ إياس بن معاوية:
لَستُ بِخَبٍّ وَلَا الخّبُّ يَخدعُنِي.!
ثامنًا: وقِيلَ لرجلٍ: فيكَ فطنةٌ، فقالَ: مَا ذنبِي إذْ خلقنِي اللهُ عاقلًا.
تاسعًا: قالَ الإمامُ أحمد بن حنبل: تسعةُ أعشارِ حُسنِ الخُلقِ فِي التَّغافلِ.!
حسنًا؛ ماذَا بَقِيَ؟
بَقِيَ القولُ: بعدَ هذهِ المقولاتِ، وبعدَ معركتِي معَ الحياةِ.. أقولُ:
التَّغافلُ رِزقٌ مِن اللهِ، ونعمةٌ تستحقُّ الشُّكرَ.