«فريد ديلوكا»، رائدُ أعمالٍ أمريكيٌّ، ينتمِي لأُسرةٍ مهاجرةٍ مِن إيطاليَا، وُلِدَ سنةَ 1984م فِي حيِّ بروكلين، وانتقلَ ليعيشَ فِي مدينةِ نيويورك. جاءَ إلى الحياةِ فِي أواخرِ الأربعينيَّاتِ ليعرفَ أنَّهُ ينتمِي إلى عائلةٍ متواضعةٍ، جعلتهُ يُضطَّرُ لجمعِ الزجاجاتِ الفارغةِ مِن الشَّوارعِ، وهُو فِي سنِ العاشرةِ مِن عمرِهِ، ويبيعُهَا مقابلَ بعضِ السنتاتِ.
معَ الانتقالِ لمدينةٍ أُخْرى فِي أمريكَا، عملَ -وهُو فِي سنٍّ صغيرةٍ- فِي توزيعِ الصُّحفِ علَى المنازلِ.. ثمَّ انتقلَ لمدينةٍ ثالثةٍ أنهَى فيهَا دراستَهُ الثانويَّةَ، وسطَ ظروفٍ صعبةٍ، وكانَ يخطِّطُ لدخولِ كليَّةِ الطبِّ، ولكنَّه فشلَ.. ليسَ بسببِ نقصِ مهاراتِهِ وكفاءاتِهِ، وإنَّمَا -ببساطةٍ- لأنَّهُ «فقيرٌ»، لَا يمكنهُ سَدَاد مصروفاتِ الدِّراسةِ فِي كليَّةِ الطبِّ، واستمرَّ -بدلًا مِن الدِّراسةِ- فِي العملِ بوظيفةِ بائعِ فِي أحدِ المحالِ التجاريَّةِ براتبٍ زهيدٍ.
هذَا الوضعُ جعلهُ يشعرُ باستياءٍ حقيقيٍّ، حتَّى جاءَ الوقتُ الذِي تواصلَ فيهِ معَ أحدِ الأصدقاءِ القدامَى، الذِي أقنعهُ فِي عامِ 1955م، بإمكانيَّةِ فتحِ محلٍّ للوجباتِ السريعةِ بشكلٍ جيِّدٍ فِي ولايةِ كونيتيكتِ الأمريكيَّةِ، يوفِّرُ لهُ بعضَ الأرباحِ الجيِّدةِ التِي تمكِّنهُ مِن الالتحاقِ بالجامعةِ وإكمالِ دراستِهِ.
قامَ الشَّابُّ الصَّغيرُ وأخذَ قرضًا متواضعًا قيمتهُ ألفُ دولارٍ مِن صديقهِ القديمِ، وعثرَ علَى محلٍّ ضيِّقٍ وصغيرٍ جدًّا، وبدأَ فِي تجهيزِهِ بإمكانيَّاتٍ بسيطةٍ، وقامَ بتسميتهِ (بيتسِ صبواي Bits Subway).
المحلُّ واجهَ صعوباتٍ شديدةً، إلَّا أنَّهُ استطاعَ بشقِّ الأنفسِ فتحَ فرعٍ ثانٍ لهُ.. ثمَّ فرعٍ ثالثٍ ضمنَ لهُ تدفُّقًا جيِّدًا مِن الأرباحِ وبعضَ الشهرةِ.
قام «ديلوكا» بعرض العلامة التجارية (صبواي) للبيع بحق الامتياز «فرانشايز» لرجال الأعمال والمؤسسات التجارية.
بحلول أواخر السبعينيات وصل عدد المحال التابعة لـ»صبواي» أكثر من مئة محل، وواصلت تمددها السريع في الثمانينيات والتسعينيات؛ حتى بلغ عدد فروعها حول العالم -الآن- أكثر من أربعين ألف فرع، بعائدات سنوية تصل إلى 9 مليارات دولار.
أما أشهر وسيلة تسويقية ساعدت ليصبح اسم محال صبواي على كل لسان، فهي حملة الطالب الجامعي الأمريكي مفرط السمنة «جاريد فوجل»، الذي تحول إلى شخص نحيف؛ بسبب تناوله شطائر «صبواي» قليلة الدسم بشكل منتظم، فقد خسر «جاريد» مئة وأحد عشر كيلوجراما مِن وزنه، علماً أنه لم ينجح معه من قبل أي برنامج حمية وتخسيس.
أمَّا «فريد ديلوكا» الذِي تلقَّى صدمةَ حياتِهِ فِي شبابِهِ، بعدمِ إمكانيتهِ دراسةِ الطبِّ؛ بسببِ فقرهِ المدقعِ، فقدْ وصلتْ ثروتهِ الحاليَّةِ إلى أكثر من 2.5 مليار دولارٍ.. غالبًا، هُو يشعرُ بامتنانٍ كبيرٍ الآنَ؛ لعدمِ قدرتِهِ علَى الالتحاقِ بكليَّةِ الطبِّ، كمَا كانَ يتمنَّى طوالَ حياتِهِ!.
تُوفَّي «فريد ديلوكا» يومَ الاثنين الموافق 14 سبتمبر سنة 2015م، بعدَ أنْ بلغ (67) عامًا، وذلكَ إثرَ إصابتِهِ بمرضِ لوكيميا الدَّم، ولكنَّهُ نجحَ فِي تخليدِ اسمِهِ كرجلِ أعمالٍ ناجحٍ، كسرَ الحواجزَ والمعوِّقاتِ، وتحدَّى كلَّ الأزماتِ ليصلَ لحلمِهِ الأكبرِ فِي النجاحِ والثراءِ، وتحقيقِ الذَّاتِ، وأصبحتْ قصتهُ مصدرَ إلهامٍ للكثيرِ مِن الشَّبابِ حولَ العالمِ.