تنقسمُ قصَّةُ غرامِي للمنتخبِ إلَى قِسْمَيْنِ مختلفَيْنِ، وكلُّ قِسْمٍ يُسبِّبُ لِي حَرجًا فِي صدرِي، بلَا أدنَى مبالغةٍ، واللهُ علَى مَا أقولُ شهيدٌ!.
والقِسْمُ الأوَّلُ يخصُّ مشاهدةَ مبارياتِ المنتخبِ تلفزيونيًّا، داخلَ المملكةِ وخارجهَا بصفةٍ عامَّةٍ، وفِي جدَّة -حيثُ أسكنُ- بصفةٍ خاصَّةٍ!.
فأنَا لَا أُحِبُّ الذهابَ للملاعبِ المُزدحمةِ، ولَا أحِبُّ الصَّخبَ الجماهيريَّ، وأستمتعُ للثُمالةِ بمشاهدةِ مبارياتِ المنتخبِ تلفزيونيًّا بجوارِ كأسٍ مِن الشَّايِ بالنِّعناعِ، أوْ حولَ مائدةٍ مِن الطَّعامِ الخفيفِ معَ أهلِي وأحبَّتِي.
ولكنْ لشركاتِ النَّقلِ التلفزيونيِّ رأيٌ آخرُ يمنعُنِي مِن الاستمتاعِ الدَّائمِ بمبارياتِ المنتخبِ، فبيْنَ كلِّ فيْنةٍ وأُخْرَى تحتكرُ شركةٌ واحدةٌ دونَ الأُخْرياتِ نقلَ المبارياتِ، فأُضطرُّ لدفعِ مئاتِ الريالاتِ فوقَ الألفِ ريالٍ لشراءِ أجهزةِ استقبالِهَا معَ الاشتراكِ فِي بثِّهَا، ثمَّ تأتِي شركةٌ أُخْرَى فتفعلُ مَا فعلتهُ سابقاتُهَا فِي مناسباتٍ أُخْرَى، حتَّى امتلأَ مكتبِي بأجهزةِ الاستقبالِ، وأصبحتِ المشاهدةُ والاستمتاعُ تُرهقنِي ماليًّا بمقدارِ إرهاقِ فواتيرِ الخدماتِ لِي!.
فمتَى (يُهْدَى) المواطنُ؟ وأقولُ (يُهدَى) بينَ قوسَينِ؛ لتأكيدِ أنَّه يستحقُّ مشاهدةَ مبارياتِ منتخبِهِ مجَّانًا فِي المناسباتِ الوُدِّيَّةِ والرَّسميَّةِ، ولتكن المُبارياتُ مدفوعةَ ثمنِ المشاهدةِ مِن نصيبِ الأنديةِ المحليَّةِ والعالميَّةِ.. بالطَقَّاقِ، فالمنتخبُ الوطنيُّ عندِي أهمُّ مِن الأنديةِ، هِلالهَا ونصْرهَا وأهليهَا واتِّحادهَا وبرشلونهَا ومدريدهَا، ... الخ ... الخ ... الخ!.
أمَّا القِسْمُ الثَّانِي فهُو حالُ المنتخبِ الآنَ، إذْ تدهورَ كثيرًا، وفَقَدَ بريقَهُ فِي عهدِ الاتحادِ السعوديِّ الحاليِّ لكرةِ القدمِ، حيثُ استقوَى دوْرِينَا، بينمَا استضعفَ منتخبنَا، ودوْرِينَا للأسفِ يُحضِّرُ لاعبيهِ الأجانبَ جيِّداً لمنتخباتِ بلادهِم، بينمَا لَا يُحضِّرُ لاعبينَا بالقدرِ المطلوبِ لمنتخبِنَا؛ بسببِ قبوعِ معظمِهِم فِي دكَّةِ احتياطِ أنديتهِم، وقدْ صُدِمْتُ بتعادلِ منتخبِنَا معَ منتخبِ إندونيسيَا الذِي تفوَّقَ بأكلِهِ الجاويِّ الحرَّاقِ، وكادَ يهزم منتخبَنَا فِي عقْرِ جوهرتِنَا المُشِعَّةِ، ومنتخبنَا وفِي حالةِ هزيمتِهِ أو تعادلِهِ أمامَ المنتخبِ الصينيِّ يومَ غدٍ الثلاثاء، فقدْ نجدهُ عندَ بابِ الخروجِ مِن بطولةِ كأسِ العالمِ المقبلةِ، ولَا قولَ ولا فِعْلَ مِن المسؤولِينَ يشفِي صدورَ السعوديِّينَ، فهلْ ستُكتبُ نهايةٌ حزينةٌ لقصَّةِ غرامِي للمنتخبِ؟ بفُقدانِ متابعتِهِ حيًّا علَى الهواءِ؟ وفُقْدانِ قُوَّتهِ وانتصاراتِهِ وإنجازاتِهِ وتحقيقهِ للآمالِ؟ كمَا كُتِبَت النهاياتُ الحزينةُ لعُشَّاقِ العربِ الأقدمِينَ، وحُرِمُوا مِن رؤيتهِم لبعضهِم بعضًا رغمَ الوُدِّ والحبِّ والاشتياقِ، فِي ضوءِ النَّهارِ، أو خِلْسةً فِي ظُلْمةِ اللَّيلِ!.