هلْ أصبحنَا فعلًا بحاجةِ إلى أصدقاءَ حقيقيِّينَ؟، هلْ أصبحَ الصديقُ الحقيقيُّ عملةً نادرةً يصعبُ الحصولُ عليهَا؟، أينَ يمكنُ أجدُ صديقًا للإيجارِ، يقفُ إلَى جوارِي، يُساندُ ويدعمُ فِي الشَّدائدِ والصِّعابِ، يحفظُ سرِّي، ويحمِي ظهرِي ويشدُّ مِن أزرِي؟!.
مفهومٌ جديدٌ للعلاقاتِ الاجتماعيَّةِ فِي عالمِنَا المعاصرِ، حيثُ التَّفاعلُ الاجتماعيُّ أصبحَ أكثرَ تعقيدًا؛ بفضلِ التكنولوجيَا والانشغالِ اليوميِّ، وأصبحتْ تأخذُ مكانَ الأصدقاءِ، بلْ أكثر مِن ذلكَ، حتَّى ظهرَ اليومَ الحاجةُ إلَى «صديقٍ للإيجارِ»، كحلٍّ مبتكرٍ لمعالجةِ مشكلاتِ العُزلةِ والوِحدةِ. الفكرةُ، التِي بدأتْ فِي بعضِ الدُّولِ الآسيويَّةِ، وانتشرتْ لاحقًا فِي مناطقَ أُخْرَى مِن العالمِ، وهِي تقومُ علَى إمكانيَّةِ استئجارِ شخصٍ ليكونَ رفيقًا لكَ لفترةٍ زمنيَّةٍ محدَّدةٍ.
«صديقٌ للإيجارِ»، هُو شخصٌ يمكنُكَ دفعَ أجرٍ لهُ ليقضيَ معكَ وقتًا معيَّنًا كصديقٍ، سواءٌ كنتَ بحاجةٍ إلَى مَن يُرافقكَ فِي مناسبةٍ اجتماعيَّةٍ، أوْ تريدُ شخصًا تتحدَّثُ معَهُ، أوْ حتَّى تَرْغَب فِي رفيقٍ لتناولِ الطَّعامِ أوْ الذهابِ للتسوُّقِ، هذهِ الخدمةُ تهدفُ إلَى تلبيةِ احتياجاتٍ اجتماعيَّةٍ ونفسيَّةٍ للأشخاصِ الذِينَ قدْ يكونُونَ منعزلِينَ، أوْ ليسَ لديهِم مَن يشاركُونَهُم أوقاتِهِم فِي لحظاتٍ معيَّنةٍ.
وهناكَ عدَّة أسبابٍ قدْ تدفعُ الأشخاصَ لاستخدامِ هذهِ الخدماتِ، مثل:
العُزلةِ الاجتماعيَّةِ التِي يعانِي منهَا البعضُ؛ بسببِ انتقالِهِم إلَى مدنٍ جديدةٍ، أوْ فقدانِ الأصدقاءِ القُدَامَى.
القلقُ الاجتماعيُّ، قدْ يشعرُ البعضُ بالتوترِ أو القلقِ عندَ التَّفاعلِ معَ الآخرِينَ، ويجدُونَ فِي صديقٍ للإيجارِ شخصًا يساعدهُم علَى تجاوزِ هذهِ المخاوفِ.
الرَّغبةُ فِي الدَّعمِ المعنويِّ، فبعضُ النَّاسِ يحتاجُونَ إلى شخصٍ يمكنهُم التَّحدُّث معَهُ؛ ومشاركة مشاعرِهِم دونَ الحكمِ عليهِم.
الاحتياجُ لمرافقٍ فِي مناسباتٍ معيَّنةٍ، مثل: حضورِ حفلاتِ زفافٍ، أو مناسباتٍ اجتماعيَّةٍ أُخْرَى، حيثُ يكونُ الحضورُ بمفردِكَ غيرَ مريحٍ.
بالرغم من أن الفكرة تبدو مفيدة، إلا أن هناك بعض الجوانب السلبية المحتملة، كالاعتماد الزائد، فقد يعتمد البعض على هذه الخدمة بشكل مفرط، بدلا من محاولة بناء علاقات طبيعية ومستدامة.. تكاليف مادية، يمكن أن تكون الخدمة مكلفة، خاصة إذا كانت متكررة.. حدود العلاقة، العلاقة بين العميل والشخص المستأجر تبقى محكومة بعقد وتوقعات مادية؛ مما يجعلها محدودة وغير عميقة.
مع تزايدِ الاهتمامِ بالصحَّةِ النفسيَّةِ وأهميَّةِ العلاقاتِ الاجتماعيَّةِ، مِن المحتملِ أنْ يستمرَّ انتشارُ هذهِ الفكرةِ فِي المستقبلِ، ومِن المهمِّ أنْ يتمَّ التَّعاملُ معهَا بحذرٍ، وأنْ يُنظرَ إليهَا كوسيلةٍ مؤقتةٍ للتغلُّبِ علَى العزلةِ، وليسَ كبديلٍ دائمٍ للعلاقاتِ الحقيقيَّةِ.
ختامًا، يمكنُ أنْ تكونَ خدمةُ: «صديقٍ للإيجارِ»؛ حلًّا مبتكرًا للعديدِ مِن التحدِّياتِ الاجتماعيَّةِ والنفسيَّةِ، ولكنْ مِن المهمِّ أنْ نتذكَّرَ أنَّ العلاقاتِ الطبيعيَّةَ والمتينةَ هِي التِي توفِّرُ الدَّعمَ الحقيقيَّ والدَّائمَ، وَلَا يمكنُ أنْ تعوِّضَ الصديقَ الحقيقيَّ إنْ وُجِدَ!.