في عصرِ المعلوماتِ السريعِ، وتنامِي وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، ظهرتِ العديدُ مِن المنصَّاتِ مثلِ: البودكاست، لتكونَ نافذةً يشاركُ مِن خلالِهَا خبراءُ المواردِ البشريَّةِ تجاربَهُم وآراءَهُم؛ حولَ توظيفِ الأفرادِ، وإدارةِ المواردِ البشريَّةِ، ومعَ تنوُّعِ الآراءِ، وتفاوتِ وجهاتِ النَّظرِ، أصبحَ مِن الواضحِ أنَّ هناكَ تشتُّتًا فِي فهمِ الأُسسِ الصَّحيحةِ التِي يعتمدُ عليهَا التَّوظيفُ.
قالَ أحدُ المختصِّينَ فِي إحدَى المقابلاتِ: «قبلتُ شخصًا؛ لأنَّ المظهرَ (very presentable)»، موضِّحًا أهميَّة الانطباعِ الأوَّلِ، والمظهرِ الخارجيِّ فِي اختيارِ الموظَّفِينَ؛ ويضيفُ قائلًا: «وهذَا الشَّخصُ كانَ (creative)»!.
في مقابلِ هذَا الرَّأيِ، ظهرَ مختصٌّ آخرُ ليقولَ: إنَّ المظهرَ الخارجيَّ لَا يهمُّ علَى الإطلاقِ، وإنَّ «المهمَّ هُو المهاراتُ العمليَّةُ والخبراتُ»، وهُو يرَى أنَّ معيارَ التَّوظيفِ الأساسِ يجبُ أنْ يكونَ علَى أساسِ مَا يمكنُ للمرشَّحِ أنْ يقدِّمهُ فِي بيئةِ العملِ مِن كفاءاتٍ ومهاراتٍ، بعيدًا عَن الاهتمامِ بالمظهرِ.
وفِي سياقٍ آخرَ، يظهرُ رأيٌ مختلفٌ تمامًا، حيثُ يصرُّ أحدُ المختصِّينَ علَى أنَّ «المهمَّ هُو الشِّهادةُ التخصُّصيَّةُ»، مشيرًا إلَى أهميَّةِ المؤهلاتِ الأكاديميَّةِ كشرطٍ أساسٍ للتَّوظيفِ، وأنَّ بدونِهَا لَا يمكنُ لأيِّ مرشَّحٍ أنْ ينجحَ فِي سوقِ العملِ التنافسيِّ.
هذَا التباينُ فِي الآراءِ والتوجُّهاتِ يعكسُ واقعًا ملحوظًا فِي عالمِ التَّوظيفِ، حيثُ يبدُو أنَّ بعضَ المختصِّينَ لَا يعملُونَ وفقَ منهجيَّةٍ واضحةٍ، أو معاييرَ محدَّدةٍ، بدلًا مِن الاعتمادِ علَى إطارِ عملٍ متماسكٍ يأخذُ فِي الاعتبارِ جميعَ العواملِ المهمَّةِ، مثل: المهاراتِ، الخبرةِ، المظهرِ، والشهاداتِ.. يبدُو أنَّهُم يركِّزُونَ علَى جانبٍ واحدٍ دونَ الآخرِ؛ ممَّا يسبِّبُ حيرةً للباحثِينَ عَن العملِ.
هذَا التشتُّتُ فِي المعاييرِ، يعكسُ حاجةً ملحَّةً لوجودِ منهجيَّةٍ شاملةٍ تجمعُ بينَ جميعِ العناصرِ الأساسيَّةِ، فالمهاراتُ العمليَّةُ لَا تقلُّ أهميَّةً عَن المظهرِ اللَّائقِ، كمَا أنَّ المؤهلاتِ الأكاديميَّةَ لهَا وزنُهَا أيضًا فِي سوقِ العملِ، ولعلَّ التحدِّي الحقيقيَّ أمامَ المختصِّينَ فِي مجالِ المواردِ البشريَّةِ هُو القدرةُ علَى الدمجِ بينَ هذهِ العواملِ بطريقةٍ متوازنةٍ، بحيثُ يتمُّ تقييمُ المرشِّحِينَ بناءً علَى كفاءاتِهِم ومهاراتِهِم دونَ إهمالِ العناصرِ الأُخْرَى.