Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

حتى لا نفقد أفياء فيفاء!

A A
الجبل المختلف.. هذا ما يمكن أن نطلقه على جبل فيفا أو (فيفاء) في منطقة جازان جنوب غرب السعودية؛ فهو مختلف في كونه مكسوًّا بالخُضرة، وهو مختلف في كونه لا ينتمي -وهو بهذا الارتفاع الذي يزيد قليلًا على (١٨٠٠م)- لسلسلة جبال السروات المرتفعة؛ وإنما يُعد من جبال تهامة، وهو مختلف كونه وهو بهذا الارتفاع يقع محاذيًا للسهل الساحلي مباشرة، وفي العادة نجدُ الجبال التهامية العالية تكون محاذية لسلسة جبال السروات العالية أكثر منها محاذاةً للسهل الساحلي المنخفض، وهو مختلف في نوعية مبانيه القديمة وخاصة القلاع منها، بل هو مختلف حتى في اسمه اللذيذ النادر.

جبل فيفا آية ربانية ومكون طبيعي منحته المشيئة الإلهية هذا الجمال وهذا الاختلاف عن معظم الجبال القريبة منه والبعيدة عنه، وهو الجبل الذي دفع بالكثير من أبنائه إلى مجالات شتى، فكانوا لَبِنَاتٍ فاعلةً في مسيرة وطنهم المعطاء، وقد نال نصيبًا وافرًا من الشهرة والإعلام والتغني به وبطبيعته الخلابة حتى قال القائل: «والذي في البَلَسْ يُرْقُبْ جَبلْ فيفا»، ويقصد بقوله هذا إن الناظر من جبل البَلَس الواقع أقصى شمال منطقة عسير يرى جبل فيفا شرق منطقة جازان، مع أن المسافة (الطولية) بينهما تصل إلى (٣٠٠)كم، وغاية الشاعر بيان مدى ارتفاع الجبلَين وشهرتهما.

لقد أصبح جبل فيفا مَعلمًا سياحيًّا يقصده السياح من الداخل والخارج، لا لخضرته المُطبقة عليه؛ وإنما لكونه أعجوبة يمكننا القول إنها وُجدت في غير مكانها؛ الذي من المألوف أن تكون فيه، وهو ضمن - أو قريبًا من- سلسلة الجبال العالية، هذا الاختلاف والجَمال الذي حظي به جبل فيفا لفتَ إليه الأنظار واستكتب الأقلام وقدح قرائح الشعراء وجعل قوافل السائحِين والباحثِين عن الغرائب تتجه إليه خصوصًا مع ثورة وسائط التواصل الحديثة التي أبانت الكثير من معالم الجبل ومفاتنه. من هذا المنطلق فإن الذي يتبادر إلى الذهن هو مسألة (تمدُّد البنيان) في جبل فيفا؛ فالجبل مسكون بأعداد وافرة من سكانه الأصليين وغيرهم، ومع توفر الخدمات الضرورية للجبل فإن معدل الرغبة في البقاء في الجبل ستزداد وتترتب عليها زيادة في المباني، وهذه الزيادة في المباني سوف يترتب عليها اقتطاع المزيد من المساحات الخضراء من الجبل، ومع هذه الزيادة للسكان والتمدد للمباني سيأتي يوم ما ويصبح الجبل كله -أو معظمه- كتلة إسمنتية جافة بعد أن كان قطعة خضراء فاتنة.

على هذا فأنا أُقدر وأُثمن عاليا رغبة أهالي جبل فيفا بالبقاء فيه والبناء على سفوحه لكنني أخشى أن تطغى المباني على المساحات الخضراء فنفقد مع تقادم الأيام هذه الجوهرة الثمينة، ولذا (أعرض) فقط ولا أملك (سلطة الفرض) وجهة نظري المتمثلة في أن يكتفى بالمباني الموجودة على سفوح الجبل وقممه، مع توفير أرض بديلة لكل صاحب مسكن وذلك في مخططات تستحدثها الجهات المعنية خارجَ الجبل وتكون مجهزة بكافة الخدمات، وهذا الرأي لا يتعلق بجبل فيفا وحده بل يشمل كافة المعالم الطبيعية النادرة كسودة عسير، ورغدان الباحة، وشفا الطائف، وكل ما يشكل علامة فارقة في سياحة الوطن ومعالمه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store