مناسبةُ اليومِ الوطنيِّ تعكسُ فِي واقعِهَا تاريخًا عظيمًا لوطنٍ عظيمٍ، مناسبةٌ نعيشُهَا اليومَ، وتأخذنَا إلَى هناكَ، إلَى حيثُ التأسيسِ، ولمِّ الشَّملِ، والوحدةِ تحتَ مظلَّةِ رايةِ (التَّوحيدِ)، والكلمةِ الواحدةِ، والصفِّ المتينِ.
إنَّ مناسبةَ اليومِ الوطنيِّ لَا يمكنُ أنْ نعيشَهَا دونَ أنْ نستلهمَ تاريخًا مِن الكفاحِ، وعزيمةً كانتَ أقوَى مِن كلِّ الظروفِ، وهلْ هنالكَ أقوَى مِن طموحِ لمِّ (الشَّتاتِ) فِي ظروفٍ كلِّهَا تدعمهُ، وأحوالٍ (رضختْ) للأمرِ الواقعِ، واستسلمتْ لإحباطِ (المستحيلِ).
إلَّا أنَّ كلَّ ذلكَ الواقعَ بكلِّ دواعيهِ لمْ يكنْ ذَا بالٍ فِي قاموسِ الفتَى عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الفارسِ الذِي سبقَ زمانَهُ فكرًا، وطموحًا، وعنوانَ (شجاعةٍ).. فأَنعمْ بهِ مِن فارسٍ نهضَ فِي وقتٍ لمْ يكنْ فيهَا سِوَى (الظَّلامِ)، والشَّتاتِ، وكلِّ دواعِي (الفناءِ)، والوجودِ الذِي يحملُ فِي مضمونِهِ (العدمَ).
أحوالٌ هِي (الليلُ)، والقادمُ مِن هناكَ فارسٌ يحملُ تباشيرَ (الصباحِ)، وقد كانْ، ونحنُ نشهدُ اليومَ الفجرَ الـ94 مِن مسيرةِ هذَا الوطنِ الشَّامخِ، هذَا الوَطَن الذِي أسَّسه الملكُ عبدالعزيز -طيَّب اللهُ ثراهُ- وحملَ لواءَ رعايتِهِ، والعنايةِ بهِ أبناؤهُ البررةُ مِن بعدِهِ: «سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله -رحمهم الله- وصولًا إلى مَا نعيشهُ اليومَ مِن رخاءِ (وطنٍ) تحتَ قيادةِ خادمِ الحرمَينِ الشَّريفَينِ الملكِ سلمانَ، ووليِّ عهدِهِ صاحبِ السموِّ الملكيِّ الأميرِ محمد بن سلمان -حفظهُمَا اللهُ-.
إنها مسيرة ملهمة من الطموح، والبناء، ومسيرة التنمية، التي لم تتوقف منذ إشراقة فجر المملكة العربية السعودية، الوطن القامة، والكلمة القيمة، والموقف المشهود، والحضور المؤثر، والثقل الدولي المعتبر.
أيُّها (الفخرُ) موطنا تزدحمُ أمامَ قامتِهِ الحروفُ والبلاغةُ، ثمَّ نعودُ بعدَ أنْ قُلنَا كلَّ شيءٍ، وكأنَّنا لمْ نقلْ شيئًا، فالفخرُ بكَ أكبرُ مِن أنْ يُعبرَ عنهُ، وأعظمُ مِن أنْ نبلغَ فيهِ تمامَ الرِّضَا.
نحبُّكَ حبًّا نجعلُ فيهِ أرواحَنَا رهنًا (لإشارتِكَ)، فأنتَ وصيَّةُ أجدادِنَا، وبلاغٌ منَّا لأحفادِنَا أنْ نكونَ كمَا هُو أملكَ فينَا، يدٌ تبنِي، ويدٌ تحملُ السلاحَ دفاعًا عَن أطهرِ ثَرَى، وأعظم ملحمةِ بناءٍ.
إنَّنا أمامَ فخرِ (أنَا سعوديُّ) لا نحملُ همَّ شيءٍ إلَّا همَّ أنْ (تفخرَ) بِنَا، وأنْ تجدنَا حيثمَا هُو أملكَ فينَا، ثمَّ ماذَا بَقِيَ سِوَى أنْ نعترفَ أنَّنا لمْ نقدِّم شيئًا أمامَ جبالِ أفضالِكَ، وعظيمِ عطائِكَ، وأينْ نقفُ، والعالمُ مِن حولِنَا ينظرُونَ إلينَا كمَا هُم، والنَّظرُ إلى السَّماءِ.
حماكَ اللهُ أيُّهَا الوطنُ العظيمُ، وأدامَكَ فِي مزيدٍ مِن السُّؤددِ، والعزَّةِ، والرِّفعةِ، والمكانةِ تحتَ قيادةِ خادمِ الحرمَينِ الشَّريفَينِ ملكِ الحزمِ سلمان بن عبدالعزيز، ووليِّ عهدهِ الأمينِ -حفظهُمَا اللهُ- وأدامَ وحدتكَ، وتكاتفَ شعبِكَ، وقيادتكَ، وأبقاكَ كمَا هُو إنصافُ (الحقِّ)، وشهادةُ المنصفِينَ: هذَا الوطنُ للعزِّ، والسُّؤددِ (وطنٌ).. اللَّهُمَ آمينْ.