Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لا نريد احتفالًا بيوم الوطن.. فقط!!

A A
قبيلَ نحوِ نصفِ قرنٍ تسنَّى لِي رفعَ علمِ بلادِي فِي باحةِ "مدرسةِ السعوديَّةِ بخميسِ مشيط".. كانَ موقفًا مجلجلًا أنْ أشدَّ الحبالَ أمامَ النَّاصيةِ ويدايَ ترعتشَانِ خوفًا مِن تفلُّتِ ويسقط العلمُ!! وطوالَ تلكُم الليلةِ التِي سبقتْ "حصَّة العلمِ" وأبِي -عليهِ شآبيبُ الرَّحمةِ- يمنحنِي الشجاعةَ بجرعاتٍ تشجيعيَّةٍ، وهُو يقفُ أمامِي يُلقِي التَّحيةَ ويرسمُ لِي الموقفَ قبيل أنْ أُقدمَ عليهِ.. صرامةُ أبِي منحتنِي الكثيرَ مِن العزيمةِ.. فوقفتُ أُردِّدُ أمامَ ناصيةِ العلمِ مُلقيًا التَّحيةَ كمَا علَّمنِي أَبِي.. "تحيَا المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ.. يعيشُ جلالةُ الملكِ".. وردَّدَ مِن خلفِي كلُّ طلابِ الصفوفِ فِي الطابورِ الصباحيِّ.. حينهَا خرجتْ مِن دواخلِي الرَّهبةُ، وشعرتُ بالفخرِ والاعتزازِ.. بعدَ كلِّ تلكُم السنواتِ لَا تزالُ الذَّاكرةُ تعيشُ يومَ الوطنِ الذِي لا نريدُ الاحتفالَ بهِ وحسبْ، بلْ نهيمُ عشقًا بهِ.. لَا نريدُ احتفالًا فقطْ، بلْ فرحًا يستشعرهُ كلُّ مَن حولَنَا ليعرفُوا معنَى أنَّنَا سعوديُّونَ بالولاءِ، وسعوديُّونَ بالجذورِ؛ لأنَّنَا نبتنَا مِن "شرشِ هذهِ الأرضِ"، ولنْ تقبلَ جذورُنَا أيَّ تربةٍ غيرهَا.. سعوديُّونَ؛ لأنَّ دماءَ الأجدادِ تشرَّبتْ مِن ثرَى أرضِنَا فبقيتْ علامةً فارقةً تُوحي لكلِّ قادمٍ أنَّ كلَّ مشاربنَا هِي مِن أرضٍ سعوديَّةٍ.. سعوديُّونَ عرقٌ انبثقَ منذُ عهدِ الأوَّلِينَ نسبًا متسلسلًا؛ لأنَّ أرضَ العربِ كانتْ منذُ الأمدِ، وإنْ تخطَّتهَا بعضُ الفئاتِ مِن البشرِ لعهودٍ مضتْ جذرًا عربيًّا صافيًا يخبتُ، وما يلبثُ أنْ يعودَ حتَّى وصلَ إلَى الظهورِ باسمِ آلِ سعودٍ، وفيهِ عيدُنَا وفرحُنَا منذُ مَا يقربُ مِن أربعةِ قرونٍ.. اليومَ يحقُّ لنَا كسعوديِّينَ أنْ نفاخرَ بينَ الأُممِ ونحنُ نحلَّقُ فِي سماءِ العالمِ، سعوديتنَا الفائقةُ بالعلمِ والمعرفةِ والقوَّةِ التِي يهابهَا الجميعُ.. لكنْ لدينَا رسالةٌ إلى التربيةِ فِي كلِّ بيتٍ والتعليمِ فِي كلِّ صرحٍ علميٍّ: اعيدُوا لنَا "حصَّة العَلَم" حتَّى يبحرَ الأبناءُ والأحفادُ مِن بعدهِم ليرفعُوا الخفَّاقَ أخضرَ مردِّدِينَ اللهُ أكبرُ.. تحتَ كلِّ سماءٍ وفوقَ كلِّ أرضٍ بعزيمةٍ وقوَّةٍ واعتزازٍ بسعوديتنَا فِي كلِّ محفلٍ.. لَا نريدُ عيدًا فقطْ.. بلْ عيدًا يتبعهُ الفرحُ والاعتزازُ بقيمنَا وثوابتنَا لنزهوَ بوطنٍ أسَّسهُ لنَا الآباءُ لتحافظَ عليهِ كلُّ الأجيالِ -بمشيئةِ اللهِ- وبقيادةٍ نشدُّ بهَا اظهرنَا حينَ نقولُ: سعوديُّون.. وكَفَى.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store