Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

صهــــرجة

A A
يرمز العنوان لنقل كميات كبيرة من السوائل، وهذا المقال عن» الصهرجة» الجوية. والمقصود هنا هو نقل الوقود للطائرات المخصصة لاستقباله بهدف الارتقاء بقدراتها في المدى، ورفع حمولات أكبر. وقد طوعت قواتنا الجوية الرائعة هذه القدرات بذكاء وهدوء منذ فترة طويلة، لتتمتع بمكانة مميزة عالمياً. وإن كنت ممن استمتعوا بالعروض الجوية المذهلة خلال احتفالات اليوم الوطني الرائع خلال هذا الأسبوع، أكيد أنك لاحظت طائرة نفاثة عملاقة بمحركين في بداية العروض. هذه الطائرة هي من طراز إيرباص 330 الأوروبية، وهي معدلة تعديلات جذرية للقيام بثلاث مهام بتميز: الصهرجة الجوية، ونقل البشر، والشحن الجوي واسمها «إم أر تي تي» Multi Role Tanker Transport.. ولو تأملت في الغطاء الجوي للوطن من مستوى سطح البحر لارتفاع ستين ألف قدم فقط، ستجد أنه يفوق الأربعين مليون كيلومتر. وتحرص قواتنا الجوية على حماية كل هذا الفراغ الهائل بدقة، وإخلاص، وفعالية في كل لحظة.

ومهما كان حجم الأسطول الجوي، فلابد من التواجد السريع إلى كل مكان للردع الفعال. ولتحقيق ذلك، فقد حرصت المملكة منذ أكثر من أربعين سنة بدعم قدرات طائراتها المتطورة بأحدث أنظمة التزود بالوقود جواً. وتحديداً في عام 1986 وضمن صفقة «الأواكس»، تم تزويد قواتنا الجوية بطائرات « كاي إي 3» التي كانت تتميز بأحدث الأنظمة لنقل كميات هائلة من الوقود جواً، وتزويد المقاتلات وطائرات «الأواكس» بها أثناء الطيران لتعظيم قدراتها..

ولنا وقفة سريعة مع أنظمة التزود بالوقود، فأبسطها هي التزود بنظام «السلة» حيث يتم مد خرطوم مطاطي وأخره سلة معدنية من الطائرة المزودة بالوقود.. وتحرص الطائرة المستقبلة بالتصويب الدقيق لاستيعاب السلة ونقل الوقود، وتتميز هذه الطريقة ببساطتها، وتكاليفها المنخفضة نسبياً، ولكنها لا تستطيع أن تنقل كميات كبيرة من الوقود، فأقصى معدل ضخ هو في حدود ألف كيلوجرام في الدقيقة.

وهناك طريقة أخرى للتزود بالوقود جواً تقوم بها طائرات صهرجة ضخمة متخصصة. تعمل تلك الطائرات بنظام مد أنبوب طائر من ذنب الطائرة، يتم توجيهه بعناية من ضابط مختص لنقل الوقود بكميات هائلة. وتصل معدلات الضخ إلى حوالى ثلاثة آلاف وخمسمائة كيلوجرام في الدقيقة.. ما يكفي لتعبئة خزان سيارة «كامري» في ثانية واحدة.. وطائرة الإيرباص السعودية المذكورة تحتوي على أحدث النظامين.

وبدون أي مبالغة أو مجاملة، فقد حرصت قواتنا الجوية أن تكون الرائدة في هذا المجال المتقدم، فلديها أكبر أسطول من الصهاريج الجوية الضخمة في الشرق الأوسط، والأهم من ذلك أن لديها أكثر خبرة في تشغيل تلك الطائرات بدون انقطاع.

وتم تتويج هذه المنظومة المتميزة بطائرات الإيرباص ذات المهام المتعددة للنقل والصهرجة المذكورة أعلاه عام 2013. وكانت ولا تزال، من أكثر الطائرات نجاحاً في مهمات النقل للأفراد، والمعدات، وتزويد المقاتلات بالوقود جواً. وللعلم فتستطيع بإرادة الله أن تحمل طائرة الأيرباص المذكورة أكثر من مائة ألف كيلوجرام من الوقود، وحمولة تفوق الثلاثمائة راكب، وهذه ميزات جعلتها رائدة عالمياً فأصبحت من أهم مكونات القوات الجوية الإماراتية الشقيقة، والبريطانية، والفرنسية، والأسترالية، والهولندية، والكندية، وغيرها.. وللعلم فالمملكة هي أكبر مشغل لهذا الطراز الحديث خارج أوروبا.

* أمنيــــة:

تتمتع قواتنا الجوية السعودية الرائعة بإرادة الله بقدرات متطورة تجعلها في مكانة فريدة كماً ونوعاً. والصهرجة الجوية هي من مكونات تفوقها، أتمنى أن يوفق الله رجالها فرداً فرداً، وبدون أي شك أن الكوادر البشرية هي جوهر تألق قواتنا في التميز العالمي في الجو، وعلى الأرض، وفي البحر، والفضاء أيضاً بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store