مواطنٌ باكستانيٌّ، كُنيتُه (أبو طارق) ويعملُ فِي جدَّة، وأُصِيبَتْ كِلْتا عينيهِ بالمياهِ البيضاءِ، عافاهُ اللهُ وإِيَّانَا مِن سيِّئ الأسقامِ وجميعِ الأمراضِ، إِنَّه قريبٌ مُجيبٌ لطيفٌ خبيرٌ.
وقدْ هُرعَ وراجعَ عيادةً خاصَّةً هنَا، فعرضتْ عليهِ إجراءَ عمليَّة إزالةِ المياهِ البيضاءِ بتكلفةِ ١٢ ألفَ ريالٍ للعينِ الواحدةِ، يعنِي ٢٤ ألفَ ريالٍ للعينَيْنِ، وعينَا الإنسانِ هُمَا حبيبتَاهُ وأغلَى مَا يملكُ، وتستحقَّانِ التضحيةَ بالمالِ والثَّرواتِ!.
لكنَّ أبَا طارق فضَّل العودةَ لبلادِهِ وإجراءَ العمليَّة هناكَ، وفِعْلًا أجرَاهَا بنجاحٍ تامٍّ فِي عيادةٍ باكستانيَّةٍ، وبتكلفةِ.. (حَزِّرُوا فَزِّرُوا) بِكَمْ؟ حسنًا لن تصدِّقُوا إذْ كانتْ ٣٥٠٠ ريالٍ للعينَينِ معًا، أو ١٧٥٠ ريالًا للعينِ الواحدةِ (يَا بَلاش!) شاملةً التَّحاليلَ وتصويرَ العَينِ، وبفضلِ اللهِ ومَا شاءَ اللهُ وَلَا قوَّة إلَّا باللهِ، لقدْ ارتدَّتْ عينَاهُ سليمتَيْنِ، وكُشِفَ عنهُمَا غطاءَهُما الأبيضَ، وصارَ بصرُهُ قويًّا مثلَ الحديدِ!.
وبحسبة بسيطة يتضح أن تكلفة نفس العملية التخصصية، وبنفس العدسات والمواد الطبية المستخدمة، ونفس مؤهلات الأطباء ودرجاتهم العلمية والعملية، هي لدينا أغلى من باكستان بـ٧ أضعاف تقريبا، وهذا مؤشر واضح جدا لارتفاع أسعارنا العلاجية، مما يؤثر بلا شك على جودة الحياة للمرضى السعوديين منهم والوافدِين، ممن لا يملكون القدرة المالية على معالجة أنفسهم مع هكذا أسعار مرتفعة، لاسيَّما وأنَّ نسبةً منهُم لا يملكُونَ أيضًا تأمينًا طبيًّا يُغطِّي تكلفةِ علاجِهم فيمَا لوْ تعرَّضُوا لأزماتٍ صحيَّةٍ تستلزمُ علاجاتٍ جراحيَّةً عاجلةً.
وذلكُم الارتفاعُ فِي أسعارِ العلاجِ يُقلِّلُ أيضًا جودةَ برامجِ (السِّياحةِ العلاجيَّةِ) التِي يُخطَّطُ لتنفيذِهَا لدينَا بشكلٍ أوسعَ، وتشجيعِ السُيَّاح من الخارجِ للسياحةِ المقرونةِ بالعلاجِ في صروحنَا الطبيَّةِ، فالسائحُ حتمًا يُفضِّلُ المكانَ الذِي يُعالجهُ ويُرفِّههُ فِي نفسِ الوقتِ بأقلِّ الأسعارِ الممكنةِ، ولَا يُجامِلُ علَى حسابِ صحَّتهِ المهمَّةِ لهُ كمَا لا يُجاملُ فِي مالِهِ، وحبَّذا لو كانتْ هناكَ مراجعةٌ شاملةٌ لأسعارِنَا العلاجيَّةِ، وجعْلهَا معقولةً، وسلامةُ عيونِ الجميعِ، ويَا أمانَ المَرْضَى.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
