Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

الذكاء العاطفي (2)

A A
فِي مقالٍ سابقٍ نُشر فِي هذهِ الجريدةِ الغرَّاءِ يومَ 27/ 8/ 2024م، تحدَّثتُ عَن أهميَّةِ الذكاءِ العاطفيِّ للإنسانِ، وخصوصًا فِي بيئةِ العملِ وانعكاسِهِ علَى الإنتاجيَّةِ بشكلٍ فاعلٍ، واليومَ نستكملُ موضوعنَا حولَ الذكاءِ العاطفيِّ وعلاماتِهِ.

حيثُ يوجدُ مجموعةٌ مِن علاماتِ الذكاءِ العاطفيِّ التِي تدلُّ علَى امتلاكِ بعضِ الأشخاصِ ذكاءً عاطفيًّا مرتفعًا، ومِن أبرزِهَا التَّواضعُ، والذِي يُعدُّ مِن السِّماتِ المميَّزةِ للأشخاصِ الذِينَ يمتلكُونَ ذكاءً عاطفيًّا مرتفعًا، فهُم قادرُونَ علَى التَّعاملِ معَ غيرهِم بعيدًا عَن الغرورِ والتكبُّرِ، الأمرُ الذِي يجعلهُم قريبِينَ منهُم بقدرٍ كافٍ، كمَا أنَّهم قادرُونَ علَى تقبُّلِ النَّقدِ ومحاولةِ تطويرِ أنفسِهِم باستمرارٍ.

يتصف أصحاب الذكاء العاطفي، بتبنيهم قيما ومبادئ، وتمسكهم بها في ظل الظروف المختلفة التي يتعرضون لها في حياتهم كالنزاهة مثلا، ويتصف من يمتلكون ذكاءً عاطفيا مرتفعا بقدرتهم على التعامل مع من حولهم بحذر، وترو، بحيث يخشون التسبب بأي أذى لهم سواء بالقول أو الفعل، فهم يتحملون مسؤولية كل ما ينطقون به، وكل تصرف يقومون به.

فكلُّ مَن يمتلكُ ذكاءً عاطفيًّا مرتفعًا يسعَى دومًا للتَّغييرِ مِن نفسِهِ نحوَ الأفضلِ، وتطويرِ ذاتِهِ باستمرارٍ، فهُو يغيِّرُ كلَّ الصفاتِ التِي يجدُ بأنَّها بحاجةٍ إلى تغييرٍ، ويحسِّنُ كلَّ مَا هُو بحاجةٍ إلَى تحسينٍ؛ ليصلَ إلَى مرحلةِ الرِّضَا عَن نفسِهِ.

ويمكنُ لأيِّ شخصٍ تنميةِ مهاراتِ الذكاءِ العاطفيِّ لديهِ عبرَ اتِّباعِ مجموعةٍ مِن النصائحِ التِي مِن شأنِهَا؛ مساعدتهُ علَى تطويرِ هذَا الجانبِ مِن شخصيَّتهِ، وأبرزهَا الانتباهُ إلَى المشاعرِ والسلوكيَّاتِ اليوميَّةِ، حيثُ يمكنُ تطويرُ الذكاءِ العاطفيِّ عبرَ التركيزِ فِي نهايةِ كلِّ يومٍ فِي كيفيَّةِ سيرِ الأحداثِ والتفاعلاتِ الإيجابيَّةِ أو السلبيَّةِ للشخصِ معَ مَن حولهُ، وسيساعدهُ تدوينُ أفكارِهِ علَى تحديدِ أنماطِ سلوكيَّاتِهِ وردودِ أفعالِهِ، مقارنةً معَ غيرهِ، فيحدِّدُ أينَ تميَّزَ، وأينَ أخطأَ، وكيفَ كانتْ مشاعرَهُ وطريقةَ تعاطفهِ معَ غيرِهِ، كلُّ ذلكَ سيساعدهُ علَى التطويرِ مِن نفسِهِ، كمَا يمكنُ للشخصِ الانتباهُ إلى مشاعرِهِ تجاهَ مواقفَ معينةٍ، والتفكيرِ فِي الأسبابِ التِي أدَّت لتلكَ الاستجابةِ العاطفيَّةِ القويَّة، أو الضعيفةِ للأحداثِ التِي تدورُ مِن حولهِ، فهذَا سيساعدهُ علَى فهمِ مشاعرِهِ ومشاعرِ الآخرِينَ.

ويساعدُ استماعُ الشخصِ إلى آراءِ الأشخاصِ المحيطِينَ بهِ -الذِينَ يتعاملُ معهُم يوميًّا، بالإضافةِ إلَى تقييمهِ الذاتيِّ لنفسِهِ- علَى تطويرِ جوانبَ عدَّةٍ مِن الذكاءِ العاطفيِّ لديهِ، حيثُ إنَّ التدرُّبَ علَى الاستماعِ النَّشطِ والفعَّالِ -الذِي يُعدُّ مِن أهمِّ السِّماتِ المميَّزةِ لمِن يمتلكُونَ ذكاءً عاطفيًّا مرتفعًا-، وبالتَّالِي فإنَّه يمكنُ التدرُّبُ علَى تلكَ المهارةِ وممارستهَا عبرَ التركيزِ علَى مَا يقولهُ المتحدِّثُ، واستخدامُ الإيماءاتِ والإشاراتِ غيرِ اللفظيَّةِ للتفاعلِ معهُ، الأمرُ الذِي سيجعلُ مِن السهلِ التواصلَ معَ الآخرِينَ، وفهمَ أفكارِهم ومشاعرِهم، وتطويرَ مهاراتِ الذكاءِ العاطفيِّ لديهِ، ويمكنُ للمهتمِّينَ بتطويرِ الذكاءِ العاطفيِّ لديهِم وتعزيزِ قدراتهِم القياديَّةِ، أخذُ دورةٍ تدريبيةٍ متخصصةٍ بمساعدةِ أشخاصٍ لديهِم معرفةٌ واسعةٌ فِي هذَا المجالِ، وعبرَ التواصلِ معَ الأشخاصِ الآخرِينَ المهتمِّينَ بتطويرِ هذَا الجانبِ لديهِم، الأمرُ الذِي سيساعدهُم علَى اكتسابِ مهاراتٍ ومعارفَ جديدةٍ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store