أضحت حياة كثير من الشباب والشابات حديثي الزواج رهينة الانفصال المبكر أو المتأخر قليلاً أمراً اجتماعياً سائداً، والسبب ليس خلفه علة يقتنع بها الآباء والأمهات لكل من الزوج والزوجة، لدرجة أن البعض يرى أن في ذلك تحقيقاً لرغبة في النفس فقط مما يجعل أقرب الاتهام سبباً في ذلك هو أنهما -أي الزوج والزوجة- مسحوران أو أصابتهما عين.
والحقيقة أن الأمر غير ذلك كله فليس هناك من فاضٍ لهما حتى يسحرهما أو عينه قوية فتلحقهما، إنما الأمر أبعد من ذلك حيث يعود -في نظري- إساساً إلى ناحيتين، أولهما عدم إعطاء مساحة كافية من الوقت لمعرفة نسبة التوافق بينهما قبل الزواج وذلك من خلال منحهما مزيداً من التلاقي المنضبط للتحقق والتأكد من تحقيق نسبة عالية من «التوافق» بكل أنواعه: الروحي والنفسي والقلبي والسلوكي والاجتماعي، لأن التوافق هو الطاقة التي تمد حياتهما كزوجين بالاستمرار وعدم التعرض لزوبعة الانفصال المبكر مع بداية الحياة الزوجية أو بعدها بفترة قصيرة حيث يكون السبب في الانفصال بسبب عدم الرغبة بالبقاء مع الآخر لأنه لا توافق بينهما وتندرج تحت هذا السبب تفصيلات حياتية كثيرة، ويزيد في هوة الرغبة في عدم الاستمرار وتحقيق الانفصال -خاصة بعد تكوين أسرة ووجود أطفال-.
إن كل واحد من الزوجين أو أحدهما لا يعني له الترافق في الحياة شيء وكذا ليس لديه الصبر على الحياة وما يواجهه فيها من أحداث جديدة، فمن المقبول في حالة عدم وجود أطفال أن يغني الله كلاً من سعته وتهون القضية فهي قد تجد غيره وهو قد يجد غيرها مما يحقق التوافق، لكن الأمر الذي يحتاج التريث وتحقيق معنى الترافق في الحياة هو أن يكون بينهما أطفال فالأمر هنا يمس الأرواح البريئة فمهما يكن فإن تفكيك لحمة أسرة وتشتيت أرواح وأنفس وقلوب من أجل عدم التوافق فقط فذلك جريمة يمكن استبعادها وعدم وقوعها إذا تم إعادة بناء النفوس وتهيئة القلوب والتريث في إدارة الانفعالات حرصاً على بقاء الأسرة والحفاظ على نفسية الصغار ومن هنا يأتي دور الإرشاد الأسري والصلح من خلال جهات إصلاح ذات البين التي بدأت تنتشر في المجتمع ويكون لها دور إيجابي كبير، ومهما قلنا إن الصغار لن يضيعوا إلا أنه من المقرر أن حياتهم ونفوسهم وقلوبهم يلحقها شيء من الضرر الذي ينعكس عليهم في مستقبل حياتهم.